تعالى كل في أمته ومورد نبوته.
قوله تعالى : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ). البارئ مثل الخالق لفظا ومعنى ، لكنه أخص من الثاني من جهات ثلاث :
الأولى : اختصاصه بالإطلاق على الله عزوجل ، ولا يطلق على غيره إلّا بالعناية.
الثانية : اختصاصه في كون متعلقه الحيوان ، يقال : خالق الخلق وبارئ النسمات.
الثالثة : اختصاص مورده بالأمور الدقيقة التي لا يحيط بها إلّا علّام الغيوب. فهو أخص من الخالق والمصور ، قال تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الحشر ، الآية : ٢٤].
والبارئ من الأسماء الحسنى. والتعبير به في هذه الآية المباركة إشارة إلى نهاية جهلهم ، حيث اختاروا عبادة الحيوان المعروف بالغباوة في مقابل من هو بارئ لذاته ومن ذاته ، وتقدم معنى التوبة في آية : ٣٧.
قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ). بيان للتوبة ، أي : ليقتل من لم يعبد العجل من عبده ، ولعل التعبير ب «أنفسكم» اشارة الى ملاحظة التراحم بينهم لئلا يتسرعوا الى القتل ، لأن بينهم كانت وحدة القرابة والدين ، وليس المراد قتل الإنسان نفسه [الانتحار] كما في بعض التفاسير ، بل قتل بعضهم بعضا لما قلنا من وجود الوحدة بينهم ـ هذا في شريعة موسى (عليهالسلام) ، وأما في الشريعة المقدسة السمحاء فقال (صلىاللهعليهوآله): «ما أنعم الله على عبده بعد الإسلام أفضل من التوبة» ، وقال (صلىاللهعليهوآله): «كفى بالندم توبة» ، أو : «إن الإسلام يجبّ ما قبله».
والأمر بالقتل في الآية المباركة يتصور على وجوه :
الأول : القتل العشوائي ـ كالسباع الضارية التي يتكالب بعضهنّ على بعض ـ بلا فرق فيه بين البر ، والفاجر ـ أي عابد العجل ـ كما في جملة من