ليسمعوا كلام الله تعالى فلما سمعوا الكلام قالوا : لن نؤمن لك يا موسى حتّى نرى الله جهرة. فبعث الله عليهم صاعقة فاحترقوا ثم أحياهم الله بعد ذلك وبعثهم أنبياء ، فهذا دليل على الرجعة في أمة محمد (صلىاللهعليهوآله) فإنه قال : لم يكن في بني إسرائيل شيء إلّا وفي أمتي مثله».
أقول : يظهر من الحديث ـ على فرض صحته ـ أنّ هؤلاء السبعين كانوا من خواص أصحاب موسى «عليهالسلام» لاختياره لهم ، كما يأتي في الرواية اللاحقة وكانوا عالمين بشريعته ، وإصرارهم على الرؤية إنما كان لأجل أن يصلوا الى هذا المقام الرفيع أي الرؤية وترفع درجتهم عند الناس في ترويجهم لشريعة موسى (عليهالسلام) ، ونزول الصاعقة عليهم واحتراقهم نحو تأديب إلهي لهم لإصرارهم في سؤالهم ، فليست الصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، بل انها تأديبية وإحيائهم وبعثهم أنبياء ، لأجل أنهم كانوا عارفين بخصوصيات شريعة موسى (عليهالسلام) والظاهر أنهم كانوا جميعا أنبياء في عصر واحد كجمع من علماء أمة محمد (صلىاللهعليهوآله) في عصر واحد لأنهم كانوا يبلّغون أحكام التوراة.
واما ذيل الحديث فيدل عليه روايات كثيرة من الفريقين على أن كل ما وقع في بني إسرائيل يقع في أمة محمد (صلىاللهعليهوآله) ويشهد لذلك قوله تعالى : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) [سورة الإسراء ، الآية : ٩٢] وهذا شأن جميع ذوي العقول التي انحصرت إدراكاتهم على الحس والمحسوسات ، وتأتي الإشارة إلى الآيات الدالة على الرجعة والأخبار الدالة عليها.
وفي العيون عن الرضا (عليهالسلام): «إنهم السبعون الذين اختارهم موسى (عليهالسلام) وصاروا معه إلى الجبل ، فقالوا له : إنك قد رأيت الله فأرناه كما رأيته. فقال لهم : إني لم أره. فقالوا له : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً)».
أقول : تقدم في الرواية السابقة ما يتعلق بهذه الرواية.