تقلب في ذلك أيضا هم الموسوية وهم أسباط يهوذا أو من تبعهم كسبط بنيامين ، فصار عنوان اليهود علما لمن ينتمي إلى الملة الموسوية.
قوله تعالى : (وَالنَّصارى). جمع نصراني أو نصران كسكارى وسكران. واشتقاقه إما نسبته إلى قرية «الناصرة» كان ينزلها عيسى (عليهالسلام). أو من تناصرهم. أو من قول الحواريين نحن أنصار الله كما حكى عنهم تبارك وتعالى : (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) [سورة الصّف ، الآية : ١٤].
قوله تعالى : (وَالصَّابِئِينَ). ورد لفظ الصابئين في القرآن الكريم في موارد ثلاثة هنا ، وفي سورة المائدة قال تعالى : (وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) [الآية : ٦٩] ، وفي سورة الحج قال تعالى : (وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى) [الآية : ١٧] ويمكن أن يكون تقديمهم بلحاظ تقدم زمانهم على النصارى ، والتأخير عنهم بلحاظ أخذ جملة من أحكامهم من النصارى.
ومادة (ص ب ا) تأتي بمعنى الميل ، فالصابي من خرج ومال من دين إلى دين آخر ، ولذا كان المشركون يقولون لمن أسلم : قد صبا. والصابئون هم الذين خرجوا من أهل الكتاب.
وقد اختلف المفسرون والفقهاء في الصابئين هل أنهم من أهل الكتاب أم لا؟ وعلى الثاني هل هم من المشركين أم لا؟ ويمكن أن يستظهر من ذكرهم في القرآن في سياق أهل الكتاب أنهم منهم موضوعا أو حكما ، ويستفاد من إجماع الفقهاء على صحة أخذ الجزية من الصابئة ـ فإن تم هذا الإجماع ـ يدل على أنهم من أهل الكتاب لعدم جواز أخذ الجزية من غير أهل الكتاب.
وقيل : إنّ كل يهودي ترك دينه وأراد أن يتنصر ، أو كل نصراني ترك دينه وأراد أن يتهود سمي صابئيا. وهذا القول مردود فإن للصابئين دينهم وعقائدهم وعاداتهم المتميزة عن غيرهم. والحق أن يقال : إن الدين إما سماوي ، أو وضعي افتعالي محض ، أو مركب منهما والصابئة اسم نوعي للأخير ، وسيأتي مزيد بيان في البحث الروائي والبحث التاريخي العقائدي.