التماثيل ، ويقال : إن بيوراسب أول من أظهر القول بمذهب الصابئة وتبعه على ذلك الذين أرسل إليهم النبي نوح (عليهالسلام) ، ويدّعي الصابئون أن من أنبيائهم عاذيمون ، وهرمس. وقيل : إن عاذيمون هو شيث ، وهرمس هو إدريس. وقيل : إن اسم الصابئة مشتق من الأصل العبري (ص ب ع) أي غطس ثم أسقطت العين ويشير بذلك الى فرقة المعمدانيين ـ كما ستعرف ـ وقيل : إنه كان لإدريس ـ وهو أخنوخ على ما في التوراة ـ ابن كان يسمى (صاب) واليه تنسب الصابئة. وقد كان هذا الدين منتشرا في بلاد كثيرة وبعث الله فيهم الأنبياء والرسل ، وقد أخذ هذا الدين أمورا كثيرة من الأديان الإلهية وتأثر بالمعتقدات الوثنية.
وهم على فرقتين متميزتين :
الأولى : الفرقة المنديائية ، وهي فرقة يهودية نصرانية أخذت من تعاليم اليهودية والمسيحية ، فأخذت شعيرة التعميد من نصارى يوحنا المعمدان ، وتأثرت بالمجوسية ، وأخيرا أخذت بعض تعاليم الإسلام. والظاهر أن الصابئة الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن في مواضع ثلاثة هي هذه الفرقة.
الثانية : الفرقة الحرانية نسبة إلى صابئة حران ، وهم فرقة وثنية انتحلت بعض أحكام أهل الكتاب ليمكنهم العيش في بلاد الإسلام وينعموا بالسماحة التي أظهرها القرآن لأهل الكتاب ، وقد تفرقت هاتان الفرقتان إلى فرق متعددة لا حاجة إلى ذكرها.
وتتميز الصابئة عن سائر المذاهب بشدة أحكامهم وقسوة تعاليمهم ولأجل ذلك أعرض الناس عن الدخول فيها ، وانكمشت على نفسها فلم يبق منهم إلّا القليل ، ويتركب دين الصابئة من أمرين :
الأول : الإيمان بالإله الواحد صانع العالم وهو رب الأرباب وإله الآلهة ، مدبر ، حكيم ، قادر ، ومقدس عن جميع صفات مخلوقاته يعجز الخلق عن الوصول إلى جلاله ، وإنما يتقرب إليه بالوسائط المقربين وهم الروحانيون المطهرون المنزهون عن المادة والماديات ، فهم مبرأون عن القوى الجسدانية والحركات المكانية والتغييرات الزمانية ، قد جبلوا على التقديس والتسبيح ،