تَتَّقُونَ) إذ التقوى لا تترتب إلّا على العمل بما يحصل منه التقوى ، لا على مجرد التلاوة فقط ، فيكون المقام من باب ترتب المعلول على العلة يعني : أن العمل به يوجب التقوى. ومن جملة ما أمروا بتذكيره وصف النبي (صلىاللهعليهوآله) والإيمان به.
وكلمة الترجي تدل على إيكال الموضوع إلى اختيارهم ومحبوبية التقوى عند الله تعالى ، لما مر مكررا من أن الترجي المستعمل في القرآن يؤتى به بداعي محبوبية متعلقه.
قوله تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ). التولي : هو الإعراض والإدبار عن الشيء أي : أنهم أعرضوا عن التوراة من بعد ما أخذ منهم الميثاق على العمل بها.
قوله تعالى : (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ). المراد من فضله تبارك وتعالى هو الإمهال ، وعدم التعجيل في العقوبة ، والرحمة هي الإلهام بالتوبة وقبولها. والخسران هو ذهاب رأس المال ، وهو في الإنسان عبارة عن الحقيقة الإنسانية الجامعة لجميع الكمالات.
والمعنى : أنه لو لا إمهال الله تبارك وتعالى لكم ، وجريان سنته على عدم التعجيل في الأخذ بالمعاصي ، وقبول توبتكم بعد ذلك لكنتم من الخاسرين ، أما الخسران بالنسبة إلى أصل الإيمان بالله تعالى فمعلوم أنه مستند إلى اختياركم ، وأما الخسران بالنسبة إلى أصل الإنسانية فلأنها متقومة بالإيمان به جلّ شأنه ، فالخسران يتحقق حينئذ فيهم بالنسبة إلى النشأتين.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ). العلم هنا عبارة عن المعرفة الشخصية. والاعتداء هو التجاوز عن الحد اللازم ، فيشمل ارتكاب المحرمات العقلية ـ كأنحاء الظلم ـ والشرعية كارتكاب المناهي الإلهية. ومادة (س ب ت) تدل على القطع ، قال تعالى : (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) [سورة النبأ ، الآية : ٩] أي : جعلنا النوم قطعا للحركات ، وسببا للراحة والسكون. ويوم السبت معروف في أيام الأسبوع وهو عيد اليهود ،