عِنْدِ اللهِ). ذكر سبحانه وتعالى فريقين من اليهود وهم المحرفون لكتاب الله تعالى ، والمأوّلون له. وبقي قسم ثالث وهم المفترون على الله تعالى.
الويل : لفظ جامد لا تثنية فيه ولا جمع. والويلات جمع ويلة لا الويل. ومعناه شدة الشر والحزن والعذاب والهلكة ، وقد استعمل هذا اللفظ في القرآن الكريم في ما يقرب من أربعين موضعا كلها مقرونة بما يدل على الذم والحزن والمكروه ، وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «إن الويل واد في جهنم بين الجبلين» وهذا من باب التطبيق لا بيان المعنى الحقيقي. وقد كرر اللفظ في المقام ثلاث مرات لشدة عظم المعصية وتغليظا لفعلهم وهو كذلك عقلا ، فإن الافتعال والجعل من غير من له حق الجعل فعل شنيع وفيه خطر عظيم فأفعال هذه الفرق الثلاث وهم : المحرفون ، والمأولون ، والمفترون ، فيها قبح عقلي وكل ذلك داخل في الظلم الذي يحكم بقبحه العقل فلا اختصاص له بقوم دون آخرين.
وإنّما أضاف الله تعالى الكتابة إلى اليد مع أنها لا تكون إلّا بها تبيينا للموضوع كما في قوله تعالى : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) [سورة يس ، الآية : ٣٥] وفي المحاورات : «رأيته بعيني» و «سمعته باذني». وإشارة إلى تحقير الموضوع يعني أن ما يفعل باليد لا يليق أن ينسب إلى الله تعالى فإن ما عنده ليس إلّا الحقائق الواقعية التي تجل عن تدخل القوى الإمكانية فيها. ويمكن أن يكون فيه إيماء إلى إيكال الأمر إلى أنفسهم اي : أنه مع أنكم تعلمون أنه من مفتعلات أنفسكم كيف تنسبونه إلى الله تعالى.
ويراد من الكتاب الذي كتبته أيديهم الأعم مما كتبوه قبل بعثة نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) أو حينها أو بعدها ، ومن ذلك ما روي أن أحبارهم عمدوا إلى التوراة وحرفوا ما ورد في صفة النبي (صلىاللهعليهوآله) وسيأتي في البحث الروائي ما ينفع المقام.
قوله تعالى : (لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً). ليس المراد بالاشتراء خصوص الشراء مقابل سائر النقل والانتقال بل المراد به التبديل ، ووصف سبحانه وتعالى الثمن بالقلة إما لأجل فنائه وإن كان كثيرا أو لأجل أن الحق لا يقابل بأي ثمن