معين ، كما أن فيه إيماء إلى أن الإيمان بجميع الرسل والأنبياء أخذ بنحو الوحدة فمن لم يؤمن بواحد منهم فكأنه لم يؤمن بالجميع ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٣٦].
قوله تعالى : (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ). مادة (وري) تأتي بمعنى الستر في الجملة سواء دلت عليه بالمطابقة كقوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [سورة ص ، الآية : ٣٢] ، وقوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢٦] ، أو بالالتزام كما في المقام ، ولها استعمالات كثيرة في القرآن الكريم منها الخلف والأمام وغيرهما. والجامع القريب بين تلك الاستعمالات ما ذكرناه.
فما عن بعض اللغويين من أنها من الأضداد تستعمل في الخلف والأمام خلط بين المفهوم والمصداق ، وكم لهم من هذا النحو من الاخلاط في اللغة كما لا يخفى.
والمعنى : إنهم يكفرون بما عدا ما أنزل عليهم من القرآن وهو الحق الذي لا ريب فيه جاء مصدقا لما معهم. وفيه من الإشارة إلى سفاهتهم وخبطهم في دعواهم ما لا يخفى ، فإنهم لو كانوا مؤمنين بما أنزل عليهم لاستلزم الإيمان بالقرآن ، لأن التوراة تشتمل على البشارة بالنبي (صلىاللهعليهوآله) وما أنزل عليه ، وأن القرآن مصدق للتوراة في كثير من الأحكام ، وأنّهم إذا كانوا مؤمنين كذلك فلما ذا يقتلون أنبياء الله تعالى؟! مع أن التوراة تعظّم شأنهم ، وتنهى عن مطلق القتل فضلا عن قتل الأنبياء ، فإيمانهم بما أنزل عليهم والكفر بما سواه إن هو إلّا تناقض في القول والاعتقاد واتباع الشهوات.
قوله تعالى : (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ