واتبعوا أهواءهم ، فيقال للمسلمين العاملين على غير طريقة القرآن. إنكم آمنتم بالقرآن فبئسما يأمركم به إيمانكم أنكم آمنتم بأهوائكم فلستم بمؤمنين إذ لا بد أن يظهر أثر إيمانكم بالقرآن في أعمالكم.
قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ). الزام لهم بالحجة ، فإنهم ادعوا دعاوى باطلة كما حكاها الله تعالى في القرآن الكريم كقولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٨٠] ، وقولهم (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [سورة المائدة ، الآية : ١٨] ، وأنهم شعب الله المختار وادعاؤهم الإيمان بما أنزل عليهم ، فرد الله تعالى عليهم وأكذبهم ، فقال تعالى : قل لهم إن كانت دعاويكم صادقة وأن الدار الآخرة مع ما فيها من الثواب والنعيم مختصة بكم فتمنوا الموت ، لأنه يوصلكم إلى ذلك النعيم ، فإن من علم أنه من أهل النعيم كان الموت أحب اليه من الحياة في الدنيا التي لم تبرح عن الشقاء والأذى ، ولم يعقل من الإنسان أن يؤثر الشقاوة على السعادة ، مع أنهم يفرون من الموت ويحبون الحياة ، وهذا من التناقض بين القول والفعل الذي لا ينبغي صدوره من العاقل. فإن معيار حب الآخرة حبا صادقا حقيقيا هو التحرز عن جميع العلائق والانقطاع الى رب الخلائق ، كما قال ذلك علي (عليهالسلام) في خطبه المباركة لا سيما الخطبة المعروفة في وصف المتقين وقد نسب إليه (عليهالسلام) أنه قال : «والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه» وكذلك يكون الذين أماتوا شهواتهم في الدنيا الفانية فأحبوا الحياة الأبدية في الدار الآخرة.
قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). أي إن كنتم صادقين في دعاويكم ، وفيه إيماء إلى كذب دعواهم.
قوله تعالى : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ). كناية عن مطلق العمل السيئ سواء كان بالجوارح أو الكفر والضلال. وهذا الاستعمال شايع في المحاورات. أي : إنهم يعرفون مصيرهم بما قدموه من سيئات الأعمال ، وما اجترحوه من موبقات الخطايا والضلال ، فلن يتمنوا الموت