الدائرة بينهم ، أو لأن الألف آخر أسماء مراتب الأعداد.
والسنة : مأخوذة من سنه كما عن بعض ، وعن آخرين أنها مأخوذة من سنو بالواو بقرينة سنوات ، والظاهر أن هذا خلط بين هاء السكت ومادة أصل الكلمة كما يظهر للمتأمل في استعمالات هذا اللفظ ، فلا فرق بين الاستعمالين.
قوله تعالى : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ). الزحزحة : الإزالة عن المقر ، والتنحية عنه ، وفي الحديث : «من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار سبعين خريفا». أي : ليس طول العمر من حيث هو موجبا للخروج عن العذاب بل المناط كله إنما هو العمل الصالح واكتساب الحسنات وترك السيئات.
وإنما كرر تعالى كلمة «أن يعمر» ولم يأت بالضمير لبيان أن مقصوده الأهم وقوع طول العمر خارجا ، لا مجرد تمني ذلك ولو أتى بالضمير لم يكن ظاهرا فيه.
قوله تعالى : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ). المراد بالبصر عند الإطلاق عليه عزوجل العلم ، وإنما خصه بالذكر ، لبيان كمال الإحاطة بالدقائق التي لا تدرك إلّا بالبصر. وفيه تهديد عجيب وتوعيد غريب لمن هو غافل عن السعادة الأبدية ، ولا يتحفظ على عمره ولا يصرفه إلّا في ما لا يرتضيه تعالى ، فإن الإنسان إنما خلق في الدنيا لكي يعيش فيها برهة من الزمن ثم يغادرها إلى دار أخرى هي مقر له فيحصد ما عمله مدة حياته في الدنيا ، فإما أن تكون الدار الآخرة هي دار الراحة والسكون والسعادة ، أو تكون دار الشقاء والعذاب ، فما يحصله الإنسان من خلقه إنما يكون في عمره ، فلا بد وأن يبذله في تحصيل السعادة الأبدية ولا يصرف هذه الجوهرة الثمينة في ما لا فائدة فيه ، أو تكون الفائدة منحصرة بالدنيا الفانية. ونعم ما نسب إلى علي (عليهالسلام): «بقية عمر المؤمن لا قيمة لها ، يدرك بها ما فات ويحيي بها ما أمات» فيكون محبته للحياة لأجل أن يدفع عن نفسه موجبات الشقاوة ويكتسب فيها أسباب السعادة