به عهودهم مع الأنبياء والرسل. والنبذ هو طرح الشيء لقلة الاهتمام والاعتناء به.
قوله تعالى : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ). فيه إيماء إلى ما قد يتبادر من لفظ الفريق القلة منهم ، فذكر سبحانه أن أكثرهم لا يؤمنون ، وهو في مقام التعليل لما يصدر عنهم من الأفعال القبيحة ونقض العهود ، يعني أنهم ينقضون العهد ، لأن أكثرهم لا يؤمنون. ويستفاد من هذه الآية المباركة عدم الوثوق بهم لاعتيادهم على نقض العهود ، وعدم رجاء الإيمان من أكثرهم.
كما يستفاد منها ذم الكثير والأكثر ، كما ورد في ما يقرب من مأة آية قال تعالى : (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) [سورة الحج ، الآية : ١٨] ، وقال تعالى : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) [سورة المائدة ، الآية : ٤٩] إلى غير ذلك من الآيات المباركة بخلاف القليل والأقل ، فقد ذكروا بالمدح قال تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سورة سبأ ، الآية : ١٣] ، وقال تعالى : (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) [سورة النساء ، الآية : ٤٦] ولو تأمل شخص في أحوال عامة النّاس رأى أن ذلك حق مطابق للواقع ، وتدل على ذلك أقوال الأئمة (عليهمالسلام) ففي الحديث : «المؤمنة أعز من المؤمن ، والمؤمن أعز من الكبريت الأحمر ؛ ومن رأى من أحدكم الكبريت الأحمر؟!».
وفي الآية المباركة تسلية لنبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) وإخبار له بإدبار الأكثر عنه.
قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ). تقدم معناه في الآية ٨٩ أي : لما جاءهم محمد (صلىاللهعليهوآله) الرسول من عند الله تعالى المصدّق لجميع ما أنزله الله تعالى من التوراة والإنجيل المشتملين على التوحيد وسائر المعارف الإلهية ، والأحكام التشريعية ، وصفات الرسول الذي وعدوا وبشّروا به وأنه من آل إسماعيل ، فإن أصول الأحكام واحدة وإن ظهرت تارة في صحف إبراهيم ، وتوراة موسى أخرى ، وإنجيل عيسى (عليهمالسلام) ثالثة ، وقرآن