الكلام في كتابنا [مهذب الأحكام].
وقد وردت الإطاعة في كثير من مشتقاتها في القرآن الكريم ؛ قال تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) [سورة الأحزاب ، الآية : ٧١] ، وقال تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) [سورة الأنفال ، الآية : ٤٦] ، وقال تعالى : (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٤] ، وقال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ) [سورة النساء ، الآية : ٦٤] إلى غير ذلك من الآيات المباركة.
ثم إنّ العبادة هي التوجه إلى المعبود في القيام بما جعله من الوظيفة وإتيان المطلوب الذي أراده من العبد وحيث إنّ الله تعالى يطّلع على النوايا كاطّلاعه على الأعمال فلا بد أن تكون النوايا القلبية متوجهة إليه تعالى ومنحصرة في العبودية له تعالى.
وبعبارة أخرى كما أنّ العابد حاضر لدى الله تعالى ولا يخفى منه على الله شيء وهو عالم السر والخفيات ، بل (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) [سورة الحديد ، الآية : ٤] ، يعلم خطرات القلوب وحركات الجوارح ولحظات العيون فلا بد وأن يكون توجه العابد إلى مثل هذا المعبود كاملا وكذا في قلبه تاما بحيث لا يخطر في قلبه غيره فإن ذلك يوجب النقص في العبادة والعبودية بل قد يوجب الطرد والهجران والإثم والعصيان ، وقد قال علي (عليهالسلام) في معنى العبادة : «أن تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن تراه فإنه يراك». ويأتي التفصيل في قوله تعالى : (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢٩].
والدواعي للعبادة كثيرة حتّى عند شخص واحد فربما يختلف دواعيه لها في حالة عن حالة أخرى وكلما كانت العبادة مجردة عن الدواعي الشخصية والمادية كانت العبادة أشد خلوصا لله تبارك وتعالى ولذا ورد عن علي (عليهالسلام): «أن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار» ونسب إليه (عليهالسلام): «ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك بل وجدتك