الثالث : لعل الوجه في إنزال السحر على الملكين دون الأنبياء (عليهمالسلام) إما لأجل أن الملكين كانا محشورين في الناس يعرفان كيد الشياطين ومكر السحرة ، أو لجلالة مقام الأنبياء (عليهمالسلام) لئلا يتهمهم النّاس بما لا يليق بهم.
الرابع : تدل الآيات المباركة على أن في عمل السحر معرضية للكفر ولا ريب فيه لأن الأنس بما هو من شؤون الشيطان يوجب البعد عن ساحة الرحمن.
الخامس : الآية الشريفة تنص على أن تعليم الملكين للسحر إنما كان لغرض إفساد سحر السحرة ، وبيان السحر والمعجزة. وفيها إشارة إلى أن التفريق بين المرء وزوجه وغيره من الأعمال الفاسدة إنما هو من عمل النّاس ، وليس من تعليم الملكين ، وأنه كان ذلك من سوء اختيارهم ومنه يظهر السر في اختفاء جملة من العلوم ، والاسم الأعظم وبعض الدعوات المستجابة.
السادس : إنّ في قوله تعالى : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) من الإيحاء النفسي للإنسان بأن لا يتأثروا بسحر السحرة فإنه ليس لهم تلك القوة الغيبية التي تؤثر على النفوس ، بل أعمالهم تستند على ضرب من الخداع والتخييل ، فما يحصل من المسببات المستندة إلى أسبابها إنما تكون بإذن من الله تعالى وقدره وقضائه.
السابع : يظهر من هذه الآية المباركة وما في سياقها من الآيات الشريفة أن العلوم التي يتعلمها الإنسان على أقسام ، منها ما ينفع لدينه ودنياه ، ومنها ما يضر بهما ، ومنها ما ينفع لدنياه ويضر بدينه ، ومنها ما يكون عكس ذلك ، ومنها ما لا نفع فيه أصلا وإنما هو من صرف الوقت في ما لا يعنيه ولا يفيده والمائز بين هذه الأقسام هو الكتاب الكريم ، والسنة المقدسة ، وقد ورد عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) وخلفائه المعصومين (عليهمالسلام) أحاديث كثيرة تعين بعض العلوم النافعة للنّاس ، ولعل أجمعها قول نبينا (صلىاللهعليهوآله): «إنما العلم