الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «عجبت من أقوام يجرّون إلى الجنّة بالسلاسل». والسحر والكهانة والشعبذة وأمثالها من الحيل كلها من الشياطين وهي سلاسل يجرّ بها إلى النّار. فذات المعجزة من طرق الهداية وذات السحر ونحوه من طرق الضلالة. كما أن منشأ الأولى صفاء النفس وارتباطها مع الله تعالى وإفاضته جل شأنه على الفرد ، ومنشأ الثاني كدورة النفس وخبثها وارتباطها مع الشياطين. ومع ذلك لم يكن للسحر تأثير إلّا بإذن الله تعالى وقدرته ، فإنه القيوم المطلق على جميع الممكنات (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [سورة سبأ ، الآية : ٣].
ثم إنّهم ذكروا للسحر أنواعا كثيرة تختلف في التأثير شدة وضعفا. ولكن يمكن لنا القول بأن تلك الأنواع خلط بين السحر وغيره ، فقد ذكروا منها الاستعانة بالأرواح الطاهرة السماوية ، والنفوس الفلكية فإن مثل ذلك لا يعدّ من السحر أبدا. فإن الشخص لا يصل إلى هذه المرتبة إلّا إذا كانت نفسه طاهرة وكاملة ، كما أن الاستعانة بالأدوية أو بعض الآلات ، أو الأخذ بالعين فإنها لا تسمى سحرا أيضا وإن اثّرت اثره ، كما لا يخفى على من تتبع الكتب ، فالسحر كما عرفت هو الاستعانة بالأرواح الأرضية كالشياطين والأجنّة إما بالتسخير ، أو بأفعال خاصة.
كما أنّ تسخير الأرواح ـ سواء تعلقت بذوات الأرواح أو بالنفوس الفلكية أو غيرها. أو تبديل عنصر إلى عنصر آخر ـ سواء كان بآلة أو غيرها ، كل ذلك ممكن عقلا وواقع خارجا ، وإن لم يترتب عليه حرام فهو جائز شرعا ، وليس ذلك من السحر في شيء ، بل هي من سبل استكشاف المجهول ولا يمكن ذلك إلّا بتهيئة النفس وإعدادها بأعمال شاقة. كما أن من طرق استفادة السر المكنون علم الحروف والنجوم وهما ليسا من السحر أيضا ، بل نسب الأول إلى الأئمة الهداة (عليهمالسلام). وسمي بالجفر ، وهو من العلوم الشريفة كثيره لا يدرك ، وقليله لا ينفع.