المصلين ، أو باعتبار من معه في الاعتقاد رجاء أن يكون فيهم من يقبل عمله فيقبل منه أيضا ، ولأجل تصغير ما يصدر عنه من العمل فإذا التفت إلى أن الكل يعبدونه ويستعينون به عزوجل فلا يغتر به ولا يحسب لنفسه وزنا.
والأولى أن يقال : إن لفظ الجمع فيهما للتحريض إلى حفظ وحدة المجتمع الذين يعبدونه تعالى ويستعينون به فكما انهم مجتمعون في وحدة المعبود والعبادة والمستعان به لا بد أن يكونوا كذلك في جميع شؤونهم كما تدل عليه آيات كثيرة ، وسيأتي التعرض لها إن شاء الله تعالى.
وإنما كرر لفظ «إياك» لتأكيد الحصر وتشديده في كل واحد من العبادة والاستعانة ، وإطلاقها وحصرها فيه تعالى يقتضي الاستعانة به في جميع الأمور مطلقا ، وهي عبارة أخرى عن الاعتقاد ب «لا حول ولا قوة إلّا بالله» والعمل بمقتضاه في جميع الأحوال.
قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ). هذا هو ثمرة العبادة والغرض الأقصى من الاستعانة وأعلى المقامات الإنسانية. وهي الأمانة التي عرضت (عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) [سورة الأحزاب ، الآية : ٧٢].
والهداية : الدلالة سواء كانت إلى الحق أو الباطل ، وكثيرا ما تستعمل في القرآن في الأول ، ومن الثاني قوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [سورة البلد ، الآية : ١٠] ، وقوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) [سورة الصافات ، الآية : ٢٣].
وللهداية مراتب كثيرة متفاوتة يصح تعلق الطلب بجميع مراتبها كما يصح تعلقه بالمراتب الراقية وان كان الشخص واجدا لها بالنسبة إلى المراتب السابقة ، ففي كل مرتبة منها تطلب المرتبة الأرقى منها ، فلا وجه للإشكال بأن الشخص إذا كان واجدا للهداية لا يصح أن يطلبها من الله تعالى ثانيا لأن إبقاء ما يكون واجدا له وتكميل مراتبه وطلب ما فوقه كلها من الله تعالى.
والهداية من أفعاله تعالى وهي من صفات الفعل لا صفة الذات وقد