لإظهاره ، إذ لا مصلحة فيه ، وكل تشريع لم تكن فيه المصلحة يكون منافيا للحكمة. وإن لم يعلم بالناسخ حين إظهار المنسوخ يكون جهلا منه وهو ممتنع بالنسبة إليه.
والجواب : أنّ الله تعالى عالم بالناسخ والمنسوخ ولكن اقتضت المصلحة لإظهار المنسوخ بصورة الدوام ، ويكون الناسخ كاشفا عن انتهاء مدة حكم المنسوخ وقيام غيره مقامه ، لمصالح في الوضع والرفع تختلف باختلاف الجهات والمقتضيات كما عرفت.
والظاهر أنّ الإشكال المزبور نشأ من جعل النسخ من مراتب علمه تبارك وتعالى الذي هو عين الذات الأقدس ، وكل تغيير في العلم يستلزم التغيير والتبديل في الذات.
والحق أنّ النسخ من مراتب الإرادة التي هي عين فعله سبحانه وهو قابل للتغير والتبديل مع علمه تعالى بذلك ، ولا يلزم من ذلك أي محذور.
الثاني : إنّ رفع الحكم الواقع وإزالته لا يمكن فإن الشيء لا يتغير عما وقع عليه ، كما ثبت في الفلسفة.
والجواب : أنّ ذلك من قياس الإرادة الإلهية على إرادة الفاعل المختار الممكن ، وهو باطل لأن فعل الفاعل المختار إذا صدر عنه خرج عن تحت اختياره فلا يمكن تغييره عما وقع عليه. وأما الإرادة الإلهية فالمراد تحت إرادته حدوثا وبقاء ، وإيجادا وإفناء لا سيما بناء على ما ثبت في الفلسفة المتعالية أن مناط الحاجة هو الإمكان لا الحدوث ، ولعلنا نتعرض لهذه المسألة في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.
وهناك وجوه أخرى استدلوا بها على إنكار النسخ إمكانا ووقوعا أغمضنا النظر عنها لوضوح بطلانها.
ويمكن أن نقول : إنّ الغاية من إنكار النسخ هي رد الشرايع السماوية لا سيما شريعة خاتم الأنبياء (صلىاللهعليهوآله) والاحتفاظ لأنفسهم بالحركة الدينية ، وهذا ضرب من غرورهم وجهلهم ، والإيمان