الْخاسِرِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٨٥] إلى غير ذلك من الآيات الشريفة.
وقد ذكرنا أن الشرايع الإلهية خطوات متكاملة في سبيل رقي الإنسان ، وأنها مدارج كماله ، فهي تبتدئ من الأمور الفطرية المودعة في الإنسان الذي بها يتميز عن سائر المخلوقات حتّى تصل إلى أقصى درجات الكمال من جميع الجوانب ، فكل شريعة من الشرايع الإلهية خطوة من خطوات تلك التربية الحقيقية الإلهية حتّى تصل إلى الصرح الشامخ الإسلامي الذي يكون جامعا لجميع الحقائق والكمالات ، قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [سورة المائدة ، الآية : ٣] ، وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلّا موضع لبنة من زاوية من زواياه ، فجعل النّاس يطوفون به ويعجبون له ، ويقولون هلّا وضعت هذه اللبنة ، قال (صلىاللهعليهوآله) : فانا اللبنة وأنا خاتم الأنبياء» ، وفي حديث آخر عنه (صلىاللهعليهوآله): «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». ولا ينافي ذلك قوله تعالى : (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [سورة النساء ، الآية : ١٢٥] وغيرها من الآيات المرغبة إلى اتباع ملة إبراهيم لأنها كالمادة القريبة للملة الإسلامية وهي متمم صورتها.
ولا بد أن يعلم أنّ النسخ في الشرائع الإلهية يقتصر على تلك الأحكام الشرعية التي تتبدل بحسب المصالح والظروف ، فيكون تبدل الأحكام في الشرائع المتعددة كتبدل حالات المصلي في شريعة الإسلام من الصحة والمرض ، والسفر والحضر. وفقد بعض الشروط ووجدانه ونحو ذلك.
فلا مجرى للنسخ في أصول الدين ، وكذا بالنسبة إلى الأحكام العقلية التي يحكم بحسنها جميع العقلاء والتي كشف عنها الشارع المقدس وكذلك بالنسبة إلى مهمات فروع الدين ـ كأصل الصّلاة والصوم والزكاة