هذه المادة في القرآن الكريم بالنسبة إلى الدنيا والآخرة قال تعالى : (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) [سورة التوبة ، الآية : ٦٣] ، وقال تعالى : (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) [سورة فصلت ، الآية : ١٦] ، وقال تعالى : (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ) [سورة الحج ، الآية : ٩] وقد ظهر خزيهم في عام الفتح بكسر أصنامهم ، وخذلانهم ، وتسفيه أحلامهم ، وتشتت دولتهم ، ولحوقهم الذل والهوان إلى غير ذلك مما أعد الله تعالى للظالمين فكيف بمن كان أظلم.
ولهم في الآخرة عذاب عظيم بما أعده الله تعالى للمحاربين مع الله ورسوله ومنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وما يترتب عليه من الفساد فالآية من القضايا العقلية.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ). المشرق موضع الشروق ، والمغرب موضع الغروب ، وهما أمران إضافيان يختلفان باختلاف حركة المنظومة الشمسية ، فتحقق المشارق والمغارب لا محالة ، ولذا قال تعالى في آية أخرى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [سورة المعارج ، الآية : ٤٠]. وأما الاعتدالي منهما اثنان قال تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) [سورة الرحمن ، الآية : ١٧] ، والكل ملكه ، ومن مظاهر آياته تعالى.
وإنما خص جل شأنه المغرب والمشرق بأنهما ملكه عزوجل ، لأنه يستلزم مالكيته تعالى لجميع الجهات ملكية حقيقية ، فإن الكل تحت سلطانه وربوبيته فالمتوجه إليهما متوجه إليه تعالى.
قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ). المراد بالتولي هنا الإقبال والتوجه اليه عزوجل. وقد تقدم معنى الوجه في قوله تعالى : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) [سورة البقرة ، الآية : ١١٤]. والمراد به في المقام التوجه.