القدر ، فقال الصادق (عليهالسلام): «لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلا بهذه الخصال السبع : بمشيئة ، وإرادة ، وقدر ، وقضاء ، وإذن ، وكتاب ، وأجل. فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة فقد كفر».
أقول : هذه كلها من فعل الله تعالى ومطابقة للبراهين العقلية كما سيأتي التفصيل في محله إن شاء الله تعالى.
والأمر : الشيء كما قال تعالى : (إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس ، الآية : ٨٢] وجملة (كُنْ فَيَكُونُ) تامة لا تحتاج إلى الخبر ، وهي كناية عن إرادته تعالى والمراد بالأمر «كن» هو الإيجاد ، ولا تعبير أليق من هذا التعبير الذي يكون أقرب إلى الفهم ، وإلّا فليس في البين صوت يقرع ، ولا نداء يسمع ، بل كلامه تعالى عين إرادته وإرادته عين فعله. والسر في هذا التعبير ـ المعبر عنه في الاصطلاح بالأمر التكويني ـ هو إعلام النّاس نهاية السرعة في الخلق ، وعدم انفكاك المعلول عن العلة التامة من دون تقدم وتأخر ، لا زماني ـ لأن إرادته فعله ـ ولا رتبي إلّا في فرض العقل. وقوله تعالى : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ليس من القضايا التعليقية المحضة ، بل هي من القضايا التي سيقت لبيان تحقق الموضوع ، كقوله «الشمس طالعة فالنهار موجود» فتكون قضية «إذا طلعت الشمس فالنهار موجود» بيانا للقضية الأولى.
وأشار سبحانه في هذه الآية المباركة إلى كفاية الأمر في تحقق شيء ، وأنه إذا أراد شيئا يوجد ذلك الشيء من دون تهيئة مقدمات ، وتسبيب أسباب فالأشياء طوع إرادته ، فالتوالد محال من جانبه.
ثم إنّه قد وقع قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) بعد القضاء تارة قال تعالى : (سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة مريم ، الآية : ٣٥] ، وبعد الإرادة أخرى ، قال تعالى : (إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس ، الآية : ٨٢] ، والمراد بالقضاء هو القضاء المبرم ، والإرادة هو الفعل. كما أن المراد بالأمر (كن) هو الإيجاد ، كما مر هذا في غير الأمور التي جرت عادته تعالى فيها على تهيئة الأسباب وتقديم