أبناء الله وأحباؤه فلا يعقل اتباع غيرهم مع الاختلاف في الملة ، أو أنهم كانوا يرون أنفسهم أصحاب قوة ومنعة ، وجاه وثروة وغيرهم على ضعف ورفض القوي لما يدعو إليه الضعيف ـ ولو كان حقا ـ أمر مركوز في النفوس ، وكل ذلك من مظاهر عتوهم واستكبارهم ولذا رد الله تعالى عليهم.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى). لأنّ الله تبارك وتعالى هو العالم بالهداية وطرقها والقادر على جزاء متبعيها ، وليست الهداية من المقترحات النفسانية ، فلا بد وأن تنتهي اليه تعالى علما وجزاء وتقدم معنى الهداية فراجع سورة الفاتحة.
قوله تعالى : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ). قضية شرطية ، ومن المعلوم أن صدق القضية الشرطية إنما هو بصدق الملازمة ، لا بتحقق الموضوع ، وانطباق الجزاء على الشرط المذكور فيها بالنسبة إلى مورد الخطاب أو المخاطب ، فيكون مفاد القضية أن متابعة الهوى والآراء الباطلة توجب الخذلان من الله تعالى فالآية المباركة نظير قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [سورة الزمر ، الآية : ٦٥]. أي أن الشرك يوجب حبط العمل ، فإتيان الجملة بصورة الشرطية تفيد معنى خاصا.
مادة (ه وي) تأتي بمعنى السقوط وتستعمل في ميل النفس إلى الأمور والشهوات الباطلة فتهوي بصاحبها الى كل داهية في الدنيا ، وإلى النار في الآخرة ، وقد تقدم ما يتعلق بها أيضا.
والمعنى : لئن اتبعت أهواءهم وعقائدهم الفاسدة بعد ما جاءك من العلم بالحق يترتب عليك الجزاء الذي أوعد به الله تعالى.
قوله تعالى : (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ). أي : أنه يوجب الخذلان من الله تعالى فليس لك ولي يتولى شؤونك في الدنيا والآخرة ولا نصير ينصرك من عذاب الله تعالى كما قال جلّ شأنه في آية أخرى : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ)