الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٧٧].
ومن ذلك يعلم أن الإيمان على أنحاء أربعة : (الأول) : الإيمان الانتسابي فقط بأن يرى الشخص نفسه في بلاد المسلمين منسوبا إليهم بلا اعتقاد ولا عمل. (الثاني) : الإيمان الاعتقادي فقط من دون عمل. (الثالث) : العمل الظاهري من دون الاعتقاد. (الرابع) : الاعتقاد القلبي والعمل على طبق ما اعتقد ، وما يصدق عليه الإيمان حقيقة هو الأخير وهو النافع للنفس الإنساني في طريق استكماله وعوالمه الأخروية وسائر الأقسام إنما أطلق عليها الإيمان بالعناية للتسهيل. نعم لا يطلق عليه الكافر إلّا إذا انتفى منه الإعتقاد والعمل والإقرار ، ومع انتفاء العمل بالأركان فقط يكون فاسقا إن لم يكن منكرا لضروري من ضروريات الدين فمن ترك واجبا وارتكب محرما فهو ليس بمؤمن من هذه الجهة وإن كان مؤمنا من جهة أخرى قال النبي (صلىاللهعليهوآله): «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» ، وعن الصادق (عليهالسلام): «فأما الرشا في الأحكام فهو الكفر بالله العظيم».
ومن ذلك يظهر بطلان إشكال جمع من المفسرين وغيرهم بأنه إن كان العمل بالشريعة المقدسة جزءا من الإيمان لزم عطف الجزء على الكل في الآيات الكثيرة المشتملة على عطف عمل الصالحات على الإيمان ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٧٧]. أو اشتراط الشيء بنفسه وكلاهما باطل.
ووجه الدفع أنّ عطف الجزء على الكل إذا كان لفائدة وخصوصية لا بأس به بل هو من شؤون البلاغة والفصاحة كما صرح به أئمة العربية وأي فائدة أحسن من كون الإيمان بالشريعة يدور مدار العمل بها قال (صلىاللهعليهوآله): «لا قول إلّا بالعمل ولا عمل إلّا بإصابة السنة». وليس المقام من اشتراط الشيء بنفسه بل من اشتراط الشيء بأهم شروطه ، كما في قوله (صلىاللهعليهوآله): «لا صلاة إلّا بطهور».