يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) [سورة النساء ، الآية : ١٣٦].
فالناس في زمان ظهور دعوة النبي كانوا على أقسام :
الأول : من كان مشركا فأسلم ، فهو من المهتدين ، ومن أصحاب الجنّة.
الثاني : من بقي على شركه ولم يسلم ، فهو كافر ، ومن أصحاب النار.
الثالث : من أظهر الإسلام وأبطن الشرك ، فهو منافق ، ومن أصحاب النار.
الرابع : من كان من أهل الكتاب وآمن بالنبي (صلىاللهعليهوآله) وكان مؤمنا بكتابه غير المنحرف أيضا ، فهو مؤمن ، ومن أهل الجنّة.
الخامس : من بقي على كتابه ولم يؤمن ، فهو كافر ومن أهل النار.
السادس : من آمن بخاتم الأنبياء (صلىاللهعليهوآله) والقرآن وكفر بكتابه السماوي غير المنسوخ في هذه الشريعة ، فهو كافر ومن أهل النّار لأن الإسلام والقرآن يدعوان إلى الكتب السماوية وهي تدعو إلى القرآن والإسلام ولا اختلاف بينهما في الأصول كما عرفت.
قوله تعالى : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) : المراد من الآخرة هو عالم جزاء الأعمال والحساب والثواب والعقاب وقد يعبر عنها ب (الدار الآخرة) أيضا في مقابل الدار الدنيا.
واليقين هو مرتبة خاصة من العلم أي : الإعتقاد الجازم المطابق للواقع في الشريعة ، فإنّ للعلم مراتب منها اليقين ، كما قاله تعالى : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) [سورة التكاثر ، الآية : ٥ ـ ٦]. وسيأتي بقية مراتبه إن شاء الله تعالى. واليقين بالآخرة هو أعلى مراتب كمال النفس الإنسانية وبه ينتظم حال المؤمن في الدنيا والآخرة ، ويظهر أثر ذلك في أفعاله وأعماله وأقواله لأنّ اليقين باعث وزاجر.
وإنما ذكر تعالى الضمير المنفصل (هم) تثبيتا لهذه الصفة الخاصة لقسم خاص من المؤمنين إذ ليس كل مؤمن من أهل اليقين بالآخرة.