الثالث : الصفات الإضافية المختلفة باختلاف الجهات وسيأتي بيان ذلك في الآيات المناسبة لها إن شاء الله تعالى.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦))
من صفات المنافقين التي ذكرها الله تعالى في هذه الآيات الفساد في الأرض والاستهزاء بالمؤمنين وتوصيفهم بالسفاهة وعدم شعورهم بجهالتهم وتلك الصفات كلها من أخس الصفات وأرذلها التي كانت فيهم.
التفسير
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ). الفساد خروج الشيء عن الاعتدال وتغيره عن سلامة الحال وضده الصلاح. ومادة الفساد في أي هيئة استعملت تدل على المبغوضية والاشمئزاز ، قال تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٠٥] ولا سيما هيئة الإفساد ومتفرعاتها فإنّ المتلبس بها مذموم عند الجميع ويقابل ذلك مادة الصلاح ، فإنها في أي هيئة استعملت تدل على المحبوبية والرغبة وميل النفس خصوصا هيئة الإصلاح وما يتفرع منها فإنّها ممدوحة عند الجميع قال تعالى : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [سورة النساء ، الآية : ١٢٨].
وإنما ذكر تعالى القول بلفظ المجهول ليشمل كل ناه عن المنكر رسولا كان أو وليا أو كان من عرض النّاس ، كما أنه سبحانه ذكر الأرض وحدها لأنها محل إفساد المفسدين قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [سورة الروم ، الآية : ٤١].