شجرة ورأيت قبّة من درّة بيضاء ، ولها باب من ذهب أحمر وقفل ، لو أنّ جميع ما في الدنيا من الجن والإنس وضعوا على تلك القبّة لكانوا مثل طائر جالس على جبل ، فرأيت هذه الأنهار الأربعة تخرج من تحت القبّة.
فلمّا أردت أن أرجع قال لي ذلك الملك : لم لا تدخل القبّة ؟ قلت : كيف أدخل وعلى بابها قفل لا مفتاح له عندي. قال : مفتاحه ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ فلمّا دنوت من القفل وقلت : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ انفتح القفل ، فدخلت في القبّة ، فرأيت هذه الأنهار تجري من أربعة أركان القبّة ، ورأيت مكتوبا على أربعة أركان القبّة ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ ورأيت نهر الماء يخرج من ميم بسم الله ، ورأيت نهر اللّبن يخرج من هاء الله ، ونهر الخمر يخرج من ميم الرّحمن ، ونهر العسل يخرج من ميم الرّحيم ، فعلمت أنّ أصل هذه الأنهار الأربعة من البسملة.
فقال الله عزوجل : يا محمّد ، من ذكرني بهذه الأسماء من امّتك بقلب خالص من رياء ، وقال ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ سقيته من هذه الأنهار » (١) .
في بيان فضيلة البسملة
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله عن جبرئيل ، عن ميكائيل ، عن إسرافيل عليهمالسلام : قال الله تعالى : « يا إسراقيل ، بعزّتي وجلالي ، وجودي وكرمي ، من قرأ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ متصلة بفاتحة الكتاب مرّة واحدة ، فاشهدوا عليّ أنّي قد غفرت له ، وقبلت منه الحسنات ، وتجاوزت له عن السيئات ، ولا احرق لسانه بالنّار ، واجيره من عذاب القبر وعذاب النّار وعذاب يوم القيامة ، والفزع الأكبر » (٢) .
نقل عن عارف أنّه كتب ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ وأوصى أن يجعل في كفنه ، فقيل له في ذلك ، فقال : أقول يوم القيامة : إلهي ، أنزلت كتابا وجعلت عنوانه ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ فعاملني بعنوان كتابك (٣) .
ففي البسملة مثار صفات الحبّ والحياء والرّجاء والخوف التي هي اصول التّقوى والعبوديّة ، ولا ينفكّ العابد من أحد هذه الأحوال.
وقيل : إنّ البسملة تسعة عشر حرفا ، والزبانية تسعة عشر ، فالمرجوّ من الله أن يدفع بليّتها بهذه الحروف التسعة عشر (٤) .
روي أنّه لا يردّ دعاء أوّله ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم﴾ الخبر (٥) .
__________________
(١ و٢) . تفسير روح البيان ١ : ٩.
(٣) تفسير الرازي ١ : ١٧٢.
(٤) تفسير الرازي ١ : ١٧٢ « نحوه » .
(٥) تفسير روح البيان ١ : ٩.