قيل : عددها ثمان : دار الجلال كلّها من نور ، ودار القرار كلّها من مرجان ، ودار السّلام كلّها من الياقوت الأحمر ، وجنّة عدن كلّها من زبرجد وهي مشرفة على الجنان كلّها ، وجنّة المأوى كلّها من الذّهب الأحمر ، وجنّة الخلد كلّها من الفضّة ، وجنّة الفردوس كلّها من اللؤلؤ ، وجنّة النّعيم كلّها من زمرّد.
وروي أنّ المؤمن إذا دخل الجنّة رأى سبعين ألف حديقة في كلّ حديقة سبعون ألف شجرة ، على كلّ شجرة سبعون ألف ورقة ، وعلى كلّ ورقة : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، أمّة مذنبة وربّ غفور ، كلّ ورقة عرضها ما بين المشرق والمغرب (١) .
ثمّ وصف الجنّان وأشجارها ، بأنّها ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ لازدياد صفائها وطراوتها وحسنها بها.
قيل : إنّ المراد بالأنهار جنسها.
وقيل : إنّ المراد الأنهار الأربعة : نهر من ماء غير آسن ، ونهر من لبن لم يتغيّر طعمه ، ونهر من خمر لذّة للشّاربين ، ونهر من عسل مصفّى.
ثمّ بعد ذكر مسكنهم وشرابهم ، ذكر طعامهم بقوله : ﴿كُلَّما رُزِقُوا﴾ واطعموا ﴿مِنْها مِنْ﴾ نوع ﴿ثَمَرَةٍ رِزْقاً﴾ وطعاما ﴿قالُوا هذَا﴾ الثمر من جنس الثّمر ﴿الَّذِي رُزِقْنا﴾ وطعمنا ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ في الدنيا.
في بيان حكم جعل ثمرات الجنة من نوع ثمرات الدنيا.
قيل : إنّ الله جعل ثمرات الجنّة من نوع ثمرات الدنيا لزيادة شوق المؤمنين إليها بعد معرفة جنسها وطعمها ، حيث إنّهم إذا لم يعرفوا طعمها وخاصيّتها ، ولم يشتاقوا إليها في الدنيا ، لم يبادروا في الجنّة إلى تناولها ، ولم يفرحوا بها في بدو رؤيتها ، وأمّا إذا كانوا مطّلعين على طعمها فرحوا برؤيتها ، وعلموا أنّها ممّا رزقوا في الدنيا وإن كان التفاوت بينها وبين ما رزقوا في الدنيا كتفاوت الدنيا والآخرة ، ولا يستحيل أحدها إلى ما يستحيل به ثمرات الدنيا.
روي أنّه جاء رجل من أهل الكتاب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : يا أبا القاسم ، تزعم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون ؟ فقال : « نعم ، والذي نفس محمّد بيده ، إنّ أحدهم ليعطى قوّة مائة رجل في الأكل والشرب
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٨٢.