وقهّاريّته.
ثمّ خلق ﴿وَعَلَّمَ﴾ بإفاضته ﴿آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها﴾
عن السجّاد عليهالسلام : « علّمه أسماء كلّ شيء ، وفيه أيضا أسماء أنبياء الله وأوليائه وعتاة أعدائه » (١) .
وعن القميّ رحمهالله قال : أسماء الجبال والبحار والأودية والنّبات والحيوان (٢) .
في بيان المراد من الاسماء الّتي علّمها الله آدم
وقيل : إنّ المراد بالأسماء حقائق الأشياء ، لكون العلم بها أنسب بمقام التفضيل على الملائكة من العلم باللغات. ولعلّ هذا المعنى هو الظاهر ممّا روي عن الصادق عليهالسلام حيث سئل : ماذا علّمه ؟ قال : « الأرضين ، والجبال ، والشّعاب ، والأودية » ثمّ نظر إلى بساط تحته ، فقال : « وهذا البساط ممّا علّمه » (٣) .
وعلى هذا ، لا بدّ من التقدير في الآية بأن يكون التّقدير مسمّيات الأسماء ، أو القول بأنّ الاسم عبارة عمّا هو الدّالّ على الذّات ، وكما أنّ الأعلام اللفظيّة دالّة على الذّوات ، كذلك جميع الموجودات دالّ وكاشف عن ذاته المقدّسة دلالة المعلول على علّته.
فجميع الموجودات بهذا الاعتبار أسماء الله تعالى ، أو القول بأنّ المراد من الأسماء علل الموجودات وأسبابها وأرباب أنواعها ، وإطلاق الأسماء عليها في الأدعية وكلمات المعصومين غير عزيز.
والأقرب أنّ يقال : إنّ المراد من الأسماء هو الألفاظ الدالّة على المسمّيات واللغات الموضوعة للمعاني ، كما هو ظاهر الآية المباركة والروايتين المتقدّمتين ، وظاهر ما ببالي من عبارات التوراة في سفر التكوين ، وعليه جلّ مفسّري العامّة لو لا الكلّ (٤) .
ولا ريب أنّ معرفة أسامي الموجودات بحيث لو رأى موجودا عرف اسمه مستلزم لمعرفة جميع المسمّيات بخصوصيّاتها ومشخّصاتها إلى يوم القيامة ، كما أنّ من عرف أسامي الأدوية ، بحيث لو احضر دواء أو معجون عنده ، قال : هذا اسمه كذا ، لا بدّ له من معرفة مشخّصاتها من طعمها ولونها وأجزائها ، فعلى هذا يكون الاطّلاع على أسامي الموجودات ملازما لمعرفتها بماهيّاتها وحقائقها
__________________
(١) تفسير الصافي ١ : ٩٦.
(٢) تفسير القمي ١ : ٤٥ ، تفسير الصافي ١ : ٩٦.
(٣) مجمع البيان ١ : ١٨٠ ، تفسير الصافي ١ : ٩٦.
(٤) الكتاب المقدس : ٥ - الاصحاح الثاني من سفر التكوين ، وراجع : روح البيان ١ : ١٠١ ، تفسير أبي السعود ١ : ٨٤ ، تفسير الرازي ١ : ١٧٥.