الإمامة مختصّة بهم ، وعدم صلاحيّة غيرهم لها.
في أنّ الشيخين لم يكونا صالحين للخلافة الإلهية
والحاصل : أنّ الآية الكريمة ظاهرة الدلالة باتّفاق أصحابنا الإمامّية رضوان الله عليهم على عدم صلاحيّة أبي بكر وعمر للإمامة لوجوه :
منها : أنّهما كانا مشركين باتّفاق الأمّة ، والشّرك ظلم لقوله تعالى : ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾(١) فوجب عدم صلاحيّتهما للإمامة بهذه الآية.
إن قيل : إنّهما لم يكونا مشركين في زمان الإمامة ؟
قلنا : صدق مفهوم الظالم عليهما في زمان مخرج لهما عن صلاحيّتها أبدا ، كما أنّ صدق السارق على أحد في زمان موجب لقطع يده أبدا ، وليس الحكم دائرا مدار صدق العنوان ، لأنّه علّة محدثة لا مبقية حتّى يبقى ببقائه وينتفي بانتفائه ، والشاهد على ذلك حكم العقل بعدم تناسب الذّوات التي فيها شائبة الخباثة والدّناءة مع هذه المرتبة الشامخة الإلهيّة.
ومنها : أنّ من كان مذنبا في الباطن والسّرّ ، كان ظالما في الواقع وإن لم يطّلع عليه أحد ، وإذا لم تعرف طهارة باطنة لا يجوز أن يحكم بإمامته ، فوجب أن يكون معصوما حتّى يعلم عدم كونه ظالما في الباطن ، ولا تعلم العصمة إلّا بنصّ الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، ولمّا لم يعرف أنّ أبا بكر وعمر ما كانا ظالمين في الظاهر والباطن لاتّفاق الأمّة على أنّهما لم يكونا معصومين ، لم يجز أن ينصّبا للإمامة ، ووجب أن لا تتحّقق إمامتهما.
قال الفخر الرازي : استدلّ الشيعة بهذه الآية على وجوب عصمة الإمام عن المعصية ظاهرا وباطنا ، وأمّا نحن فنقول : مقتضى الآية ذلك ، إلّا أنّا تركنا اعتبار الباطن ، فتبقى العدالة الظاهرة معتبرة (٢) .
أقول : في هذا الجواب ما لا يخفى من الوهن.
في أنّ الآيات الدالة على عصيان الأنبياء مؤوّلة
إنّ قيل : إنّ الله تعالى حكى عن يونس عليهالسلام أنّه قال : ﴿سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾(٣) وعن آدم عليهالسلام أنّه قال : ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا﴾(٤) وعن موسى عليهالسلام أنّه قال : ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾(٥) فلا يكون الظلم منافيا للنبوّة.
قلنا : إنّ إطلاق الظلم وإنّ كان منصرفا إلى ارتكاب المنهيّات التّحريميّة ، إلّا أنّه لا بدّ من تأويله في
__________________
(١) لقمان : ٣١ / ١٣.
(٢) تفسير الرازي ٤ : ٤٢.
(٣) الأنبياء : ٢١ / ٨٧.
(٤) الأعراف : ٧ / ٢٣.
(٥) النمل : ٢٧ / ٤٤.