وإنّما خصّا ذرّيّتهما بالدعاء لزيادة شفقتهما بهم ، وكثرة ثوابهما بعبادتهم ، ولأنّ في صلاح أولادهم وكونهم أنبياء صلاح عامّة الخلق.
عن ( العياشي ) : عن الصادق عليهالسلام : « أراد بالامّة بني هاشم خاصّة » (١) .
وعنه عليهالسلام : « هم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا ، ولم يزل في ذرّيّتهما الأنبياء والرّسل والأئمّة والهداة » (٢) .
وأمّا الدّعوة الثالثة فقولهما : ﴿وَأَرِنا﴾ وعرّفنا ﴿مَناسِكَنا﴾ وعباداتنا التي تلزمنا في هذا المقام.
في وجه تسمية عرفات وحكمة رمي الجمرات
نقل أنّ جبرئيل عليهالسلام أرى إبراهيم عليهالسلام المناسك كلّها حتّى بلغ عرفات ، فقال : يا إبراهيم ، أعرفت ما أريتك من المناسك ؟ قال : نعم ، فسمّيت عرفات ، فلمّا كان يوم النّحر أراد أن يزور البيت ، عرض له إبليس فسدّ عليه الطّريق ، فأمره جبرئيل عليهالسلام أن يرميه بسبع حصيّات ، ففعل ، فذهب الشّيطان ، ثمّ عرض له في اليوم الثّاني والثّالث والرّابع ، كلّ ذلك يأمره جبرئيل عليهالسلام برمي حصيّات (٣) .
وأمّا الدّعوة الرّابعة فقولهما : ﴿وَتُبْ عَلَيْنا﴾ ممّا فرط منّا من ترك الأولى ، والتّوجّه إلى غيرك فإنّ توبة الأنبياء لا تكون من ذنب بل من أحد الأمرين.
روي عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « إنّه ليغان (٤) على قلبي ، وإنّي لأستغفر » (٥) إلى آخره.
﴿إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ﴾ لمن تاب إليك ﴿الرَّحِيمُ﴾ بمن استرحمك.
ثمّ ختما دعاءهما بقولهما : ﴿رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ﴾ أي في ولد إسماعيل ، أو في الأمّة المسلمة ﴿رَسُولاً﴾ كائنا ﴿مِنْهُمْ﴾ روي أنّه لم يبعث فيهم غير نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله (٦) .
وروي أنّه صلىاللهعليهوآله قال : « أنا دعوة [ أبي ] إبراهيم » (٧) وإنّما سألا أن يكون الرّسول في مكة من ذرّيّتهما ليكون بسبب النّسب أرأف وأشفق بهم ، وأحرص على دعوتهم وهدايتهم وتربيتهم ، وليكون له عزّا وشرفا فوق الشّرف ، فيقوم بدعوتهم وهدايتهم.
﴿يَتْلُوا﴾ ويقرأ ﴿عَلَيْهِمْ آياتِكَ﴾ ودلائل توحيدك وكمال صفاتك ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ﴾ المنزل
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ١٥٧ / ٢٠٦ ، مجمع البيان ١ : ٣٩٣.
(٢) تفسير الصافي ١ : ١٧٣.
(٣) تفسير الرازي ٤ : ٦٢.
(٤) الغين : الغيم ، وقيل : الغين شجر ملتفّ.
(٥) صحيح مسلم ٤ : ٢٠٧٥ / ٢٧٠٢.
(٦) تفسير الصافي ١ : ١٧٣.
(٧) تفسير القمي ١ : ٦٢ ، مجمع البيان ١ : ٣٩٥.