وعن الصادق عليهالسلام : « إذا حجّ أحدكم فليختم حجّه بزيارتنا ؛ لأنّ ذلك من تمام الحجّ » (١).
أقول : وذلك لأنّ الحجّ زيارة الله في بيته ، ولمّا كان الإمام عليهالسلام عين الله الناظرة ، ويده الباسطة ، وجنبه ، وبابه الذي يؤتى منه ، وخازن علمه ، ومعدن حكمته ، كانت زيارته زيارة الله في عرشه ، ولذا عدّت من تمام الحجّ.
ثمّ بيّن الله تعالى حكم المحصور منه بقوله : ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ ومنعتم من الحجّ بعد إحرامه لخوف من عدوّ أو لمرض ، وأردتم التّحليل من الإحرام ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ﴾ وما تيسّر لكم ﴿مِنَ الْهَدْيِ﴾ واجب عليكم ، أعلاه البعير ، وأوسطه البقرة ، وأقلّه الشّاة. وقيل : كلّ ما تيسّر ، وإنّما سمّي هديا لأنّه بمنزلة الهديّة التي يهديها العبد إلى ربّه (٢) ، وما تيسّر من شيء واجب عليكم.
﴿وَلا تَحْلِقُوا﴾ أيّها المحصورون ﴿رُؤُسَكُمْ﴾ ولا تحلّوا من إحرامكم ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ وتعلموا أنّ هديّتكم التي بعثتموها قد بلغت منى الذي يجب النّحر أو الذّبح فيه إن كان الإحرام بالحجّ ، أو مكّة إنّ كان الإحرام بالعمرة.
في حكم المحصور بعد الإحرام
عن ( الكافي ) عن الباقر عليهالسلام : « المصدود يذبح حيث صدّ ، ويرجع صاحبه فيأتي النّساء ، والمحصور يبعث بهديه ويعدهم يوما ، فإذا بلغ الهدي أحلّ هذا في مكانه » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « يجزيه شاة ، والبدنة والبقرة أفضل » (٤) .
﴿فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ﴾ في حال الحصر ﴿مَرِيضاً﴾ يحتاج إلى حلق الرّأس ﴿أَوْ بِهِ أَذىً﴾ وألم كائن ﴿مِنْ رَأْسِهِ﴾ كقمل أو صداع ﴿فَفِدْيَةٌ﴾ معيّنة عليه إذا حلق ، كانت الفدية ﴿مِنْ صِيامٍ﴾ في ثلاثة أيّام ﴿أَوْ صَدَقَةٍ﴾ وهي إطعام ستّة مساكين ، لكلّ مسكين مدّان ، أو عشرة مساكين لكلّ مدّ ﴿أَوْ نُسُكٍ﴾ وهو الذّبيحة ، أقلّها شاة ، وأوسطها بقرة ، وأعلاها بدنة.
عن ( الكافي ) و( العيّاشي ) : عن الصادق عليهالسلام : « مرّ رسول الله صلىاللهعليهوآله على كعب بن عجرة ، والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم ، فقال له : أتؤذيك هوامّك ؟ فقال : نعم. فانزلت هذه الآية ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يحلق ، وجعل الصّيام ثلاثة أيّام ، والصّدقة على ستّة مساكين ، لكلّ مسكين مدّان والنّسك
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٦٢ / ٢٨.
(٢) تفسير روح البيان ١ : ٣١١.
(٣) الكافي ٤ : ٣٧١ / ٩.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٩٦ / ٣٣٣.