عوف ناسا منهم ، فشربوا وسكروا ، وقام أحدهم فقرأ : قل يا أيّها الكافرون أعبد ما تعبدون ، إلى آخر الخبر (١) .
﴿وَ﴾ عن ﴿الْمَيْسِرِ﴾ وهو كلّ ما قومر عليه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في تفسير الميسر : « كلّ ما ألهى عن ذكر الله فهو [ من ] الميسر » (٢) .
﴿قُلْ فِيهِما﴾ وفي أستعمالهما ﴿إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ وذنب عظيم.
في ذكر مفاسد شرب الخمر والقمار
روي عن الصادق عليهالسلام قال : « الخمر رأس كلّ إثم ، ومفتاح كلّ شرّ » (٣) .
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ الملائكة لتنفر عند الرّهان ، وتلعن صاحبه ، ما خلا الحافر ، [ والخفّ ] والرّيش ، والنّصل » (٤) الخبر.
واعلم أنّ مفاسد الخمر والميسر أظهر من أن تخفى على ذي مسكة (٥) ، أمّا الخمر فأظهر مفاسدها أنّها مذهبة للعقل.
نقل عن العباس بن مرداس أنّه قيل له في الجاهليّة : لم لا تشرب الخمر فإنّها تزيد في جرأتك ؟
فقال : ما أنا بآخذ جهلي بيدي فأدخله جوفي ، ولا أرضى أن اصبح سيّد قوم وامسي سفيههم (٦) .
وقال بعض : لو كان العقل يشرى ما كان شيء أنفس منه ، فالعجب لمن يشتري الحمق بماله فيدخله في رأسه فيقيء في جيبه ويسلح في ذيله (٧) .
وأمّا الميسر ، فأظهر مفاسده أنّه مذهب للمال لاه عن ذكر الله ، ومن مفاسدهما أنّ تعاطيهما موقع في العداوة والبغضاء كما قال الله تعالى : ﴿إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾(٨) .
ثمّ ذكر سبحانه مقتضى إباحتها بقوله : ﴿وَ﴾ فيهما ﴿مَنافِعُ﴾ كثيرة جسمانيّة ومادّية ﴿لِلنَّاسِ﴾
قيل : إنّ من منافع الخمر أنّ النّاس كانوا يتعاملون (٩) بها إذا جلبوها من النّواحي ، وكان المشتري إذا ترك المماكسة (١٠) في الثّمن ، كانوا يعدّون ذلك فضيلة له فكانت تكثر أرباحهم (١١) .
__________________
(١) تفسير أبي السعود ١ : ٢١٨.
(٢) أمالي الطوسي : ٣٣٦ / ٦٨١.
(٣) الكافي ٦ : ٤٠٣ / ٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢٢٧.
(٤) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٠ / ٨٨.
(٥) المسكة : العقل. (٦) تفسير الرازي ٦ : ٤٦.
(٧) تفسير روح البيان ١ : ٣٤٠.
(٨) المائدة : ٥ / ٩١.
(٩) في تفسير الرازي : يتغالون ، أي يبيعونها بثمن غال.
(١٠) أي التقليل من الثمن. (١١) تفسير الرازي ٦ : ٤٧.