وعنه عليهالسلام في رواية اخرى : « القرء ما بين الحيضتين » (١) .
وفي التّعبير عن الأمر بصيغة المضارع دلالة على تأكّد الوجوب ؛ لأنّ فيه إشعار بأنّ هذا الوجوب ملازم للعمل ، ويكون امتثاله معه ، كما أنّ في تقديم المطلّقات على فعل ( يتربّصن ) دلالة على قوّة الوجوب.
ثمّ لمّا كان انقضاء العدّة بالأقراء ، ولا يمكن الاطّلاع عليها إلّا من قبل النّساء ، نهاهنّ عن كتمانها بقوله : ﴿وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ﴾ ويخفين ﴿ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ﴾ من الحيض والحبل بأن تقول المرأة : لست بحامل ؛ لحبّ تعجيل الطّلاق ، حيث إنّ الزّوج إذا علم أنّها حامل يمنعه حبّ الولد عن الطّلاق. أو تقول : لست بحائض ؛ وهي حائض ، لكراهة التّعجيل ، حيث إنّها إذا كانت في طهر المواقعة لا يجوز طلاقها ، ولا بدّ من انتظار حيضها وطهرها بعده ، وقد يكون كتمان الولد لحبّ سرعة انقضاء العدّة إذا كانت عدّة الوضع أطول من مدّة الأقراء ، وكتمان الحيض لكراهة سرعة الانقضاء ، فتدّعي بقاء العدّة وتأخير الحيض حتّى يرجع إليها الزّوج.
في حجية قول المرأة في الحمل والحيض والطهر
ثمّ أنّه استدلّ بحرمة الكتمان على حجّيّة قول النّساء بالنّسبة إلى الحيض والطهر والحمل إثباتا ونفيا ، ولا شبهة فيها نصّا وفتوى ، وليس تعليق الحكم على الإيمان بالمبدأ والمعاد في قوله تعالى : ﴿إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ لبيان اشتراط حرمة الكتمان به ، بل إنّما هو لزيادة التّرغيب على تركه ، والتّهديد على فعله ، فيكون المفاد أنّ الإيمان مانع عن الكتمان ، وأنّ الكاتمة لا إيمان لها.
ثمّ بيّن الله تعالى الحكم الثاني في الطّلاق بقوله : ﴿وَبُعُولَتُهُنَ﴾ وهم الأزواج الذين طلّقوهنّ رجعيّا ، كما ينبئ عنه التّعبير بالبعولة التي هي جمع بعل ، وهو في الأصل المالك للأمر ﴿أَحَقُ﴾ وأملك ﴿بِرَدِّهِنَ﴾ إلى الزوجيّة بإنشاء الرّجوع ، أو بالتمتّعات التي لا تنبغي إلّا للزّوج ، كالقبلة والجماع ﴿فِي ذلِكَ﴾ الزّمان والأجل المضروب للتربّص ﴿إِنْ أَرادُوا﴾ الأزواج بالرّجوع إليهنّ ﴿إِصْلاحاً﴾ لما بينهم وبينهنّ ، أو إحسانا إليهنّ ، ولم يريدوا مضارّتهنّ ، وليس هذا الشّرط لتأثير الرّجوع في عود العلقة وزوال أثر الطّلاق ، بل للحثّ على الإحسان ، والزّجر عن الإضرار.
﴿وَلَهُنَ﴾ على أزواجهنّ من الحقوق ﴿مِثْلُ﴾ الحقّ ﴿الَّذِي عَلَيْهِنَ﴾ لأزواجهنّ في تحتم
__________________
(١) الكافي ٦ : ٨٩ / ٣.