فإذا كان الأمر كذلك ، فاذكروهنّ بالتّعريض والتّلويح ﴿وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَ﴾ في مكان ﴿سِرًّا﴾ للتّصريح بالخطبة ، ولا يصدر منكم شيء في الموعد ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا﴾ فيه لهنّ ﴿قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾ لا ينكره الشّرع ، وهو التّعريض بالنكاح.
عن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية : ﴿وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾ فقال : « هو الرّجل يقول للمرأة قبل أن تنقضي عدّتها : أواعدك بيت آل فلان ، ليعرّض لها بالخطبة. فعنى بقوله : ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾ التّعريض بالخطبة » (١) .
نقل أنّ الرّجل كان يدخل على المرأة وهو يعرّض بالنكاح ، فيقول لها : دعيني اجامعك ، فإذا أتممت عدّتك أظهرت نكاحك ، فإنّه تعالى نهى عن ذلك (٢) .
ثمّ نهى الله تعالى عن إيقاع عقد النّكاح بنحو أبلغ بقوله : ﴿وَلا تَعْزِمُوا﴾ ولا تقصدوا ، أو لا تواجبوا ﴿عُقْدَةَ النِّكاحِ﴾ ورابطته وعلاقته ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ﴾ وهو العدّة المكتوبة ﴿أَجَلَهُ﴾ وآخره ، فإذا بلغ فلا بأس في إيجاب العقد.
ثمّ أردف النهي بالتّهديد بقوله : ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ وقلوبكم من نيّات السّوء ﴿فَاحْذَرُوهُ﴾ في مخالفتة سرّا وعلانيّة ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ﴾ في مورد المغفرة ﴿حَلِيمٌ﴾ في مورد العقوبة ، لا يعجل بها ، فلا تغترّوا بتأخيرها.
في أنّ المطلقة ليس لها مهر إذا طلقت قبل الدخول ، وإنّما يجب إمتاعها بشيء
ثمّ أنّه تعالى بعد ما بيّن جملة من أحكام المطلّقة ، المدخول بها ، المسمّى لها المهر ، ذكر حكم المطلّقة التي لم يدخل بها ، ولم يسمّ لها مهر ، بقوله : ﴿لا جُناحَ﴾ ولا تبعة ﴿عَلَيْكُمْ﴾ من حيث المهر ، بل ولا من جهة الانتظار والتربّص بالأطهار ، فإنّ غير المدخول بها تطلّق على كلّ حال ﴿إِنْ طَلَّقْتُمُ﴾ وفارقتم ﴿النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ﴾ ومن قبل أن تجامعوهنّ ﴿أَوْ تَفْرِضُوا﴾ أي إلّا أن تقدّروا وتسمّوا ﴿لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ ومهرا مقدّرا في ضمن العقد.
والحاصل : أنّه لا تستحقّ الزّوجة المهر إلّا باشتراط المهر في العقد ، أو بالدّخول مع عدم الاشتراط ، فإن اشترط وطلّق قبل الدّخول بها فلها النّصف ، وإن لم يشترط ودخل بها فمهر المثل. هذا ممّا اتّفق عليه النصّ والفتوى.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤٣٤ / ١.
(٢) تفسير الرازي ٦ : ١٣٢.