ثمّ أنّه تعالى بعد نفي استحقاق المهر ، أثبت لهنّ حقّ المتعة وجوبا بقوله : ﴿وَمَتِّعُوهُنَ﴾ بشيء من أموالكم وأعطوهنّ منها ما ينتفعن به.
في رواية عن الباقر عليهالسلام : « فإنّهنّ يرجعن بكآبة وحرقة (١) وهمّ عظيم وشماتة من أعدائهنّ ، فإنّ الله عزوجل كريم يستحي ، ويحبّ أهل الحياء ، إنّ أكرمكم أشدّكم إكراما لحلائلهم » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ متعة المطلّقة فريضة » (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام ، أنّه سئل عن الرّجل يريد أن يطلّق امرأته قبل أن يدخل بها ، قال : « يمتّعها قبل أن يطلّقها ، فإنّ الله تعالى قال : ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ الآية (٤) .
وهذه المتعة واجبة ﴿عَلَى الْمُوسِعِ﴾ والغنيّ الذي هو في سعة من المال ﴿قَدَرُهُ﴾ وحدّ سعته ﴿وَعَلَى الْمُقْتِرِ﴾ والفقير ﴿قَدَرُهُ﴾ ووسعه ، وعلى قدر حاله ﴿مَتاعاً﴾ أي تمتيعا مقرونا ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ وبالوجه الذي تستحسنه الشّريعة والمروءة.
وهذا التمتّع يحقّ ﴿حَقًّا﴾ ويفرض فرضا ﴿عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ على أنفسهم بفعل الطّاعات ، واجتناب المعاصي.
عن ( فقه الرضا عليهالسلام ) : « يمتّعها بشيء قلّ أو كثر ، على قدر يساره ، فالموسع يمتّع بخادم أو دابّة ، والوسط بثوب ، والفقير بدرهم أو خاتم » (٥) .
وعن ( الفقيه ) ، روي أنّ الغنيّ يمتّع بدار أو خادم ، والوسط بثوب ، والفقير بدرهم أو خاتم (٦) .
وروي أنّ أدناه الخمار وشبهه (٧) .
في أنّ المطلقة غير المدخول بها إذا فرض لها مهر ، لا تستحقّ أزيد من نصف المهر المفروض
وفي خبر الحلبي : « إن كان الرّجل موسعا ؛ عليه أن يمتّع امرأته العبد والدّابّة ، والفقير (٨) يمتّع بالحنطة والزّبيب والثّوب والدرهم ... » الخبر (٩) . والظّاهر أنّ جميع ما ذكر في الرّوايات خارج مخرج التّمثّل.
ثمّ بيّن سبحانه حكم القسم الثّالث من المطلّقات من حيث المهر وهي التي لم يدخل بها وقد سمّى لها المهر بقوله : ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ﴾
__________________
(١) في من لا يحضره الفقيه : ووحشة.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٢٧ / ١٥٨٠.
(٣) التهذيب ٨ : ١٤١ / ٤٩٠.
(٤) التهذيب ٨ : ١٤١ / ٤٨٩.
(٥) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليهالسلام : ٢٤٢.
(٦) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٢٧ / ١٥٨٢.
(٧) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٢٧ / ١٥٨٣.
(٨) في الكافي : والمقتر.
(٩) الكافي ٦ : ١٠٥ / ٣.