واستدلوا أيضا بما روي فيها من التأكيدات ممّا لم يرد في غيرها ، قال صلىاللهعليهوآله : « من فاته صلاة العصر فكأنّما وتر أهله وماله » (١) .
وأيضا أقسم الله تعالى بها فقال : ﴿وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ﴾(٢) فدلّ على أنّها أحبّ السّاعات إلى الله تعالى (٣) ، وأيّدوه بوجوه اعتباريّة.
والحقّ هو الأوّل ، وما سواه في غاية الوهن.
وقيل : إنّ الله تعالى أخفاها في الصّلوات الخمس ، ليصير اختصاصها بالفضل موجبا لزيادة الاهتمام بجميع الصّلوات.
نقل عن الرّبيع بن خيثم أنّه سئل عنها فقال : يابن عمّ ، الوسطى واحدة منهنّ ، حافظ على الكلّ تكن محافظا على الوسطى. ثمّ قال الربيع : لو علمتها بعينها لكنت محافظا لها ومضيّعا لسائرهنّ (٤) .
﴿وَقُومُوا﴾ خالصين ﴿لِلَّهِ﴾ في صلواتكم حال كونكم ﴿قانِتِينَ﴾ داعين في قيامكم. وهو مرويّ عن الصادق عليهالسلام (٥) .
وقيل : أي : مطعين ، روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « كلّ قنوت في القرآن فهو الطّاعة » (٦) .
ثمّ بيّن الله تعالى أنّ المحافظة على الأجزاء والشّرائط مخصوصة بحال الأمن ، بقوله : ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ﴾ من عدوّ ، أو لصّ ، أو سبع ، أو غيره ﴿فَرِجالاً﴾ ماشين صلّوا ﴿أَوْ رُكْباناً﴾ سائرين.
عن ( الفقيه ) : عن الصادق عليهالسلام ، في صلاة الزّحف ، قال : « تكبير وتهليل » ، ثمّ تلا الآية (٧) .
وعنه عليهالسلام : « إن كنت في أرض مخوفة ، فخشيت لصّا أو سبعا ، فصلّ الفريضة [ وأنت ] على دابّتك » (٨) .
وفي رواية : « الذي يخاف اللصوص يصلّي إيماء على دابّته » (٩) .
﴿فَإِذا أَمِنْتُمْ﴾ على أنفسكم من المخوفات ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ وصلّوا ﴿كَما عَلَّمَكُمْ﴾ من صلاة الأمن ﴿ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾
قيل : إنّما عبّر سبحانه عن الصّلاة بالذّكر لكونه معظم أركانها ، أو لأنّه روحها.
__________________
(١) تفسير الرازي ٦ : ١٥١. (٢) العصر : ١٠٣ / ١ و٢.
(٣) تفسير الرازي ٦ : ١٥١.
(٤) تفسير الرازي ٦ : ١٤٧.
(٥) مجمع البيان ٢ : ٦٠٠ « نحوه » .
(٦) تفسير الرازي ٦ : ١٥٢.
(٧) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٥ / ١٣٤٤.
(٨) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٥ / ١٣٤٥.
(٩) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٥ / ١٣٤٦.