والطّول والقصر ، والحسن والقبح.
وفي رواية المحاجّة : قال صلىاللهعليهوآله : « أ لستم تعلمون أنّ ربّنا صوّر عيسى في الرّحم كيف شاء ، وأنّ ربّنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث ؟ » قالوا : بلى ، قال صلىاللهعليهوآله : « أ لستم تعلمون أنّ عيسى حملته امّه كما تحمل المرأة ، ووضعته كما تضع المرأة ولدها ، ثمّ غذّي كما يغذّى الصّبيّ ، ثمّ كان يطعم الطّعام ، ويشرب الشّراب ، ويحدث الحدث ؟ » قالوا : بلى ، قال : « فكيف يكون هذا كما زعمتم ؟ فسكتوا ، فأبوا إلّا جحودا » (١) .
وفي الآيتين أيضا تقرير لصفتي حياته وقيموميّته.
ثمّ أعاد سبحانه ذكر المدّعى وهو التّوحيد - بعد إقامة البرهان عليه تفصيلا ، لإشرابه في القلوب - بقوله : ﴿لا إِلهَ إِلَّا هُوَ﴾ فنزّه ذاته المقدّسة عن أن يكون عيسى مثله وشبيهه في الالوهيّة.
ثمّ أعاد حاصل البرهانين المذكورين ، بقوله : ﴿الْعَزِيزُ﴾ الغالب غير المتناهي في قدرته ﴿الْحَكِيمُ﴾ والمتقن في أفعاله ومخلوقاته. فعيسى مقهوره ومغلوبه وبديع صنعه ، لكونه مركبا من المادّة والصّورة ، ومحتاجا إلى المركّب ، ومعرّضا للانحلال والفناء.
وحاصل ما استفيد من الآيتين في الردّ على النّصارى : أنّهم إن تمسّكوا في الوهيّة عيسى بعلمه بالمغيّبات ، حيث كان ينبئهم بما يأكلون وما يدّخرون. ففيه : أنّ علمة كان مقصورا ببعض الامور الجزئيّة ، والعلم اللّائق بمقام الالوهيّة هو العلم المحيط بجميع جزئيّات الكائنات ، وأجزاء الموجودات ، وصفاتها ، وأحوالها ، وإن كان مثقال حبّة من خردل في صخرة في الظّلمات ، وبالضّرورة لم يكن هذا العلم الشّامل ، لعيسى ولا لغيره.
وإن تمسّكوا بقدرته على ما لا يقدر عليه البشر ؛ من إبراء الأكمه والأبرص ، وخلق الطّير وإحياء الموتى ، ففيه : أنّها قدرة ناقصة مفاضة إليه من خالقه ومصوّره ، إذ من الواضح أنّه مصنوع غيره ، صوّره قادر مطلق في رحم امّه من غير أب ، لبداهة أنّه عليهالسلام لم يخلق امّه ، ولم يصوّر نفسه في رحمها.
في كيفية خلق الجنين في الرحم ومقدّماته
عن ( الكافي ) : عن الباقر عليهالسلام ، قال : « إنّ الله تعالى إذا أراد أن يخلق النّطفة ، التي هي ممّا أخذ عليه (٢) الميثاق ، من (٣) صلب آدم ، أو ما يبدو له فيه ، ويجعلها في الرّحم ، حرّك الرّجل للجماع ، وأوحى إلى الرّحم أن افتحي بابك حتّى يلج فيك خلقي وقضائي
__________________
(١) تفسير روح البيان ٢ : ٣.
(٢) في المصدر : عليها.
(٣) في المصدر : في.