أبواب (١) .
ومع ذلك ﴿كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً﴾ روي أنّه كان يأتيها رزقها من الجنّة ، وأنّه كان يجد عندها فاكهة الشّتاء في الصّيف ، وفاكهة الصّيف في الشّتاء (٢) ، فتعجّب زكريّا و﴿قالَ﴾ لها : ﴿يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا﴾ الرّزق ، ومن أين جاءك ، ومن أتاك به ، والأبواب مغلقة عليك ؟ ﴿قالَتْ﴾ مريم في جوابه : ﴿هُوَ﴾ نازل عليّ ﴿مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ فلا تعجب ولا تستبعد ﴿إِنَّ اللهَ﴾ بفضله وجوده ﴿يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ﴾ أن يرزقه ﴿بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ وتقدير لكثرته ، أو بغير استحقاق ، قيل : إنّ الذّيل (٣) من كلامه عزوجل.
في نزول مائدة الجنة لفاطمة عليهاالسلام كما نزلت لمريم
ثمّ أنّه روى أبو السّعود والبيضاوي في تفسيرهما أنّ فاطمة الزّهراء عليهاالسلام أهدت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله رغيفين وبضعة لحم ، فرجع بها إليها ، فقال : « هلمّي يا بنيّة » فكشفت عن الطّبق ، فإذا هو مملوء خبزا ولحما ، وقال لها : « أنّى لك هذا ؟ » قالت : ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ فقال صلىاللهعليهوآله : « الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيّدة نساء بني إسرائيل » ، ثمّ جمع عليّا والحسن والحسين عليهمالسلام وجميع أهل بيته ، فأكلوا وشبعوا ، وبقي الطّعام كما هو ، فأوسعت على جيرانها (٤) .
وعن العيّاشي : عن الباقر عليهالسلام ، قال : « إنّ فاطمة عليهاالسلام ضمنت لعليّ عليهالسلام عمل البيت والعجن والخبز وقمّ البيت (٥) ، وضمن لها عليّ عليهالسلام ما كان خلف الباب [ من ] نقل الحطب ، وأن يجيء بالطّعام. فقال لها يوما : يا فاطمة ، هل عندك شيء ؟ قالت : لا ، والذي عظّم حقّك ، ما كان عندنا منذ ثلاثة أيّام شيء نقريك (٦) به ، قال : أ فلا أخبرتني ؟ قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله نهاني أن أسألك شيئا ، فقال : لا تسألي ابن عمّك شيئا ، إن جاءك بشيء عفوا وإلّا فلا تسألية.
قال : فخرج عليّ عليهالسلام فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا ، ثمّ أقبل به وقد أمسى ، فلقي المقداد بن الأسود فقال للمقداد : ما أخرجك في هذه السّاعة ؟ قال : الجوع ، والذي عظّم حقّك يا أمير المؤمنين ، قال [ عليهالسلام ] : فهو أخرجني ، وقد استقرضت دينارا ، وساوثرك به ؛ فدفعه إليه ، فأقبل فوجد رسول
__________________
(١) تفسير الرازي ٨ : ٣٠ ، تفسير روح البيان ٢ : ٢٩.
(٢) تفسير روح البيان ٢ : ٢٩.
(٣) الذيل هو قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ).
(٤) تفسير أبي السعود ٢ : ٣٠ ، تفسير البيضاوي ١ : ١٥٨.
(٥) أي كنسه.
(٦) من القرى ، وهو ما يقدّم إلى الضيف من طعام وشراب.