كان شرّا ، فقال : ما ابالي ما كان إذا رأيته ، وإن أحييته تركتك على ما تفعل ، فدعا الله عيسى ، فعاش الغلام ، فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش تبادروا بالسّلاح واقتتلوا ، وصار أمر عيسى مشهورا في الخلق ، وقصده اليهود (١) ، وأظهروا الطّعن فيه ، والكفر به (٢) .
فإذن ﴿قالَ﴾ عيسى عليهالسلام لمن آمن به وصدّقه : ﴿مَنْ أَنْصارِي﴾ وأعواني منكم ؛ حال كونه سالكا ومتوجّها ﴿إِلَى اللهِ﴾ بطاعته ونصرة دينه ؟ ﴿قالَ الْحَوارِيُّونَ﴾ وهم صفوة أصحابه وخلّص المؤمنين به.
في وجه تسمية اثني عشر من أصحاب عيسى بالحواريين
عن ( العيون ) : عن الرّضا عليهالسلام أنّه سئل لم سمّي الحواريّون حواريّين ؟
قال : « أمّا عند النّاس ، فإنّهم سمّوا حواريّين ؛ لأنّهم كانوا قصّارين يخلّصون الثّياب من الوسخ بالغسل ، وهو اسم مشتقّ من الخبز الحوّار (٣) ، وأمّا عندنا فسمّي الحواريّون حواريّين ؛ لأنّهم كانوا مخلصين في أنفسهم ، ومخلّصين غيرهم من أوساخ الذّنوب بالوعظ والتّذكير » (٤) .
وعن ( التوحيد ) : عنه عليهالسلام : « أنّهم كانوا اثني عشر رجلا ، وكان أفضلهم وأعلمهم لوقا » (٥) .
وقيل : كان بعضهم من الملوك ، وبعضهم من صيّادي السّمك ، وبعضهم من القصّارين (٦) ، وبعضهم من الصبّاغين (٧) .
نقل أنّ عيسى عليهالسلام لمّا دعا بني إسرائيل إلى الدّين وتمرّدوا عليه ، فرّ منهم وأخذ يسيح في الأرض ، فمرّ بجماعة من صيّادي السّمك ، وكان فيهم شمعون ويعقوب ويوحنّا أبناء زبدي ؛ وهم من جملة الحواريّين الاثني عشر ، فقال عيسى عليهالسلام : الآن تصيد السّمك ، فإن اتّبعتني صرت بحيث تصيد النّاس لحياة الأبد ، فطلبوا منه المعجزة ، وكان شمعون قد رمى شبكته تلك اللّيلة في الماء ، فما اصطاد شيئا ، فأمره عيسى عليهالسلام بإلقاء شبكته في الماء مرّة أخرى ، فاجتمع في تلك الشّبكة من السّمك ما كادت تتمزّق منه ، فاستعان بأهل سفينة اخرى ، وملأوا السّفينتين ، فعند ذلك آمنوا بعيسى عليهالسلام (٨) .
وقيل : إنّ واحدا من الملوك صنع طعاما وجمع النّاس عليه ، وكان عيسى عليهالسلام على قصعة لا يزال
__________________
(١) في تفسير الرازي : وقصد اليهود قتله.
(٢) تفسير الرازي ٨ : ٦٠.
(٣) كذا ، والحوّارى ، هو الدقيق الأبيض ، وهو لباب الدقيق. وخبز الحوّارى : الخبز المعمول من هذا الدقيق.
(٤) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٧٩ / ١٠ ، تفسير الصافي ١ : ٣١٥.
(٥) التوحيد : ٤٢١ / ١ ، تفسير الصافي ١ : ٣١٥ ، وفي التوحيد : الوقا ، بدل : لوقا.
(٦) القصّار : المبيّض للثياب.
(٧) تفسير أبي السعود ٢ : ٤٢.
(٨) تفسير الرازي ٨ : ٦١.