تعيينا ، بخلاف الآخر (١) ، لعدم القطع بحجيته ، والأصل عدم حجيته (٢) (*)
______________________________________________________
(١) وهو المعارض المرجوح ، لكونه مشكوك الحجية ، والأصل عدمها.
(٢) هذا الضمير وضمير «بحجيته» في المقامين راجعة إلى «الآخر».
__________________
(*) لا يقال : بمنع جريان أصالة التعيين في المقام ، لاندراجه في الشك السببي والمسببي ، ومع جريان الأصل في السبب لا مجال لجريان الأصل في المسبب ، وبيانه : أن كل واحد من الخبرين المتفاضلين في المزايا حجة شأنا ، لاشتمال كليهما على شرائط الحجية ، وإنما يشك في حجية المرجوح فعلا من جهة احتمال مانعية المزية في الخبر الراجح عن الحجية الفعلية في الخبر الفاقد لتلك المزية ، ولا مانع من جريان أصالة عدم مانعية المزية الموجودة في الراجح عن حجية المرجوح.
ومعه يثبت التخيير بين الخبرين ، لشمول أدلة حجية الخبر لكل منهما من جهة إجماع شرائط الحجية فيهما ، فكل منهما خبر عدل أو ثقة وحجة لو لا التعارض. ولا تجري أصالة التعيين هنا ، وإنما تجري إذا شك في أصل حجية شيء تخييرا بينه وبين شيء مقطوع الحجية ، فان القاعدة تقتضي التعيين.
فإنه يقال : لا تجري أصالة عدم مانعية المزية الموجودة في الخبر الواجد لها حتى يثبت التخيير بين الخبرين المتفاضلين ، وذلك لما تقرر في الاستصحاب من جريانه في موردين ، أحدهما كون المستصحب مجعولا شرعيا ، والآخر كونه موضوعا لحكم شرعي ، وليست مانعية المزية حكما ولا موضوعا له. أما عدم كونها حكما شرعيا فلوضوح أن الشارع جعل الخبر الواجد للمزية ـ كخبر الأعدل والأفقه ـ حجة تعيينية ، وليس معنى حجيته تعيينا جعل مزيته مانعة عن حجية الخبر الفاقد لها ، بل معناها كون المزية مقتضية للحجية التعيينية. وأما حجية كلا المتعارضين تخييرا فهي معلول وجود ملاك الحجية التخييرية في كل منهما من احتمال إصابة الواقع ، وليست معلولا لعدم اعتبار المزية.
وأما عدم كون المزية موضوعا لحكم الشارع بالمانعية فلأن حجية الخبر المرجوح لم تترتب في شيء من الأدلة على عدم وجود المزية في الخبر الآخر حتى تستفاد المانعية من ذلك الترتب كي يجري الأصل فيها.
ولو فرض ترتب عدم حجية المرجوح على اقتضاء المزية للحجية التعيينية كان الترتب عقليا لا شرعيا ، مع أن المعتبر في حكومة الأصل السببي على المسببي كون التسبب شرعيّا كما في الموضوع والحكم. ولو فرض تسبب الحجية التخييرية عن عدم اعتبار المزية شرعا فهو ترتب عقلي لا شرعي ، لأن معنى اعتبار المزية شرعا كونها مقتضية للحجية التعيينية ، ومن المعلوم أن أصالة عدم