.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
لإحدى الحجتين على الأخرى ، بل لتمييز الحجة عن اللاحجة ـ يكون التخيير مطلقا غير مقيد بأعمال المرجحات ، لكن سيأتي إن شاء الله ما فيه.
وأما حمل صدره ـ لإطلاقه ـ على عدم كون الجائي بالخبر ثقة فيخرج عن مورد الترجيح ، بخلاف ذيله ، لتقيده بكون الجائي بالخبرين ثقة ، وفي هذا المورد لم يعمل الترجيح ، فبعيد ، إذ مثله لا يؤخذ به مع عدم الاختلاف ، وظاهره أن الاختلاف هو الموجب لتحيُّر السائل في الأخذ به ، فيعلم منه وجود المقتضي للعمل به.
إلّا أنه يقرِّب هذا الحمل ما في رواية عبد الله بن أبي يعفور ، قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به ، قال عليهالسلام : إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإلّا فالذي جاءكم به أولى» (١) وعليه فمنشأ تحير السائل ليس كونهما حجتين بالذات ، بل حيث إنه منسوب إليهم «عليهمالسلام» له أن يردّه مطلقا أو يجب عليه رعاية الواقع بالتوقف والاحتياط ، فتدبر (٢)
وعليه يشكل الاستدلال بهذه المرسلة على التخيير بين المتعارضين مطلقا ـ حتى مع التفاضل ـ إلّا إذا تمّ أحد أمرين على سبيل منع الخلو :
أحدهما : أن يكون الغرض من السؤال الأوّل استعلام حكم تعارض مطلق الخبرين حتى مع قصور المقتضي للحجية في أحدهما ، ويكون جوابه عليهالسلام بقياس الخبرين على الكتاب والسنة أجنبيا عن الحكم بالتخيير عند التكافؤ.
ثانيهما : أن يكون السؤال الأوّل سؤالا عن معارضة خبرين جاء بهما ثقتان كما هو مفروض السؤال الثاني أيضا : إلّا أن موافقة الكتاب ليست من وجوه الترجيح ، بل من مميِّزات الحجة عن اللاحجة.
ولا سبيل لإحراز الأمر الأوّل. لكن الأمر الثاني ثابت عند المصنف. وعليه يتجه استدلاله برواية الحسن بن الجهم على التخيير المطلق ، إذ لا يبعد ظهور قوله عليهالسلام : «فإن كان يشبههما فهو منّا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منّا» في كونه في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة ، لا ترجيح أحد المتعارضين على الآخر ، فإنه قريب من رواية الحسن بن الجهم عن العبد الصالح عليهالسلام قال : «إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وأحاديثنا ، فإن أشبهها فهو حق ، وإن لم يشبهها فهو باطل» وبذلك يتجه استدلال المصنف بذيل الرواية على التخيير مطلقا سواء في المتكافئين والمتفاضلين.
__________________
(١) المصدر ، الحديث : ١١ ، ص ٧٨
(٢) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٦٢