.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
السند من الأجلاء ، وإسناد الشيخ إلى أحمد معتبر. ولو نوقش في السند تارة بجهالة أحمد ، وأخرى بتأخره عن العباس بطبقتين وسقوط الواسطة بينهما ، لم يقدح ذلك في اعتبار الرواية بعد تصريح الشيخ في الفهرست بطريق آخر له إلى ابن مهزيار ، قال : «أخبرنا بكتبه ورواياته جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عن أبيه ، ومحمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله ، والحميري ، ومحمد بن يحيى ، وأحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عنه» (١) فسند الرواية معتبر على هذا الطريق.
وأما الدلالة : فظاهر قوله عليهالسلام : «لا تصلّهما إلّا على الأرض» من جهة اشتماله على السلب والإيجاب هو شرطية الاستقرار في النافلة كالفريضة ، فتبطل الصلاة في المحمل ، لفقدانها للشرط. وظاهر الأمر في «صلِّهما في المحمل» جواز الإتيان بالنافلة في حال السير وعدم شرطية الاستقرار ، لا وجوب الصلاة في المحمل ، إذ الأمر في مقام توهم الحظر ، ولا مورد للجمع الدلالي بين الخبرين «بحمل الأمر على الاستحباب فيخرج الخبران عن المتعارضين» وذلك لعدم كون «صلِّ» ظاهرا في الوجوب أصلا حتى يتصرف في دلالته ، بل هو يدل على الترخيص من أوّل الأمر ، ومن المعلوم تحقق التعارض بين هذين الخبرين ، وقد أجاب عليهالسلام بالتخيير في الحجية بين المتعارضين.
وأورد عليه بعض أعاظم العصر بأن «ظاهر حكمه عليهالسلام بالتخيير أن التخيير واقعي ، إذ لو كان الحكم الواقعي غيره لكان الأنسب بيانه ، لا الحكم بالتخيير بين الحديثين» (٢).
لكن يمكن أن يقال : ان وظيفة الإمام عليهالسلام بما أنه مستودع علمه «تعالى شأنه» بيان الأحكام الواقعية الأوّلية والثانوية ، وكذا بيان القواعد العامة كما هو كثير في الروايات التي بأيدينا. ومما يحتاج إلى معرفته عامة المكلفين علاج تعارض الخبرين من التخيير أو الترجيح أو التساقط رأسا مع كثرة الابتلاء بالمتعارضات في أبواب الفقه. فلا تنحصر وظيفة الإمام في تبليغ الأحكام الفرعية حتى يكون الأنسب بشأنه بيان الحكم الواقعي خاصة ، دون إعطاء قانون تعارض الخبرين ، بل كل من الأمرين مناسب لمقام الإمام.
وعليه فالمتبع ظهور جوابه عليهالسلام عن السؤال ، وهو قوله : «فموسّع عليك» ولا يبعد ظهوره في التخيير الظاهري بين الخبرين المتعارضين في جميع الموارد ، وكان منشأ التخيير في جميع الموارد مصلحة التسهيل على المكلفين والتسليم لهم عليهمالسلام ، وفي خصوص المورد كان منشأ التخيير عدم شرطية الاستقرار في الناقلة.
نعم يختص الحكم بالتخيير في هذه الرواية بالمستحبات المبني أمرها على التخفيف كما أفاده
__________________
(١) الفهرست ، ص ١١٤
(٢) مصباح الأصول ، ٣ ـ ٤٢٥