.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وإن كان مراده إفادة العبارة وجود الوثاقة في الجماعة بالدلالة الالتزامية مع كون العبارة مسوقة لبيان معنى آخر ، فلا بأس به. ولا يرد عليه حينئذ إيراد شارح الإستبصار ، لأن العبارة بناء على هذا سيقت لبيان وقوع الإجماع على تصحيح رواياتهم الّذي يلزمه وجود الوثاقة فيهم ، وهذا المعنى مختص بهم لا يشاركهم أحد فيه ، إذ لم يقع الإجماع على نفس الوثاقة حتى يسأل عن وجه الاختصاص مع وجود شركاء لهم في الوثاقة (١).
لكن الإنصاف ورود إشكال شارح الإستبصار ، لأن كلام القائل ظاهر في كون العبارة مسوقة لبيان أنّهم ثقات ، ولا تدل على غير ذلك. ومن المعلوم توجه إيراده عليه ، لأنّ معنى العبارة مغاير لمعنى قوله : «ثقات» وجعل هذه الجملة حاكية عن معنى لفظ مفرد خارج عن طريقة أبناء المحاورة.
وأمّا المعنى الرابع ـ وهو الحكم بوثاقة الجماعة مع الوسائط ـ فهو صريح كلام الشيخ في العدة وظاهر إجماع الكشي أيضا ، وقد التزام به الشهيد والسيد بحر العلوم (قده) في رجاله ، وهذا هو المتعين من بين المحتملات ـ على تقدير صحة أصل الإجماع ـ لا سائر الاحتمالات حتى الأوّل الّذي نسبه السيد الداماد إلى الأصحاب ، لابتنائه على قبول روايات هذه العدة تعبدا ، لكن الظاهر عدم تعبّد في قبولها ، وإنّما التعبد في الاعتماد على شهادة العصابة بانحصار روايات أصحاب الإجماع في الصحاح ، وأنّ من يروي عنه هؤلاء هم من الثقات.
فان قلت : ان دعوى الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عن عدة مخصوصة لا تكشف عن أنّهم لا يروون إلّا عن ثقة موثوق به ، لأن الصحة عند القدماء بمعنى الثبوت والاعتبار سواء أكان منشؤه وثاقة رواة الخبر أم اعتضاده بقرائن الصدق ولو كان راويه ضعيفا. وعليه لا تنفع هذه الشهادة العامة بالنسبة إلى أمثال زماننا حيث اختفيت تلك القرائن ، ولو كانت معلومة لم تنفع أيضا بعد اختلاف الأنظار في مسألة حجية الخبر ، وعدم قرينيّة بعض القرائن المعدودة عند القدماء على صحة الأخبار.
قلت : هذا الإشكال مبني على ما هو المشهور من أعمية الخبر الصحيح باصطلاح القدماء منه باصطلاح المتأخرين ، إذ عليه لا تجدي صحة الخبر عند أولئك لإثبات صحته عند المتأخرين الذين يعتبرون الوثوق المخبري في العمل بخبر الواحد.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ، ٣ ـ ٧٦٠