.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وأن الّذي جاء به أولى به ، فلا بدّ أن تكون العبرة بظاهر الكتاب ، فإنه القابل للعرض عليه ، دون ما يخالف واقعا ما هو المراد الواقعي من الكتاب ، إذ لا علم بهذا المراد الواقعي حتى تعرض الأخبار عليه.
الثانية : ما ورد في باب ترجيح أحد الخبرين المتعارضين على الآخر ، من الأمر بأخذ ما يوافق الكتاب وطرح ما يخالفه كمصحح عبد الرحمن وغيره مما تقدم في (ص ١٤٠) ، فإن الظاهر من هذه الطائفة كون موردها الخبرين المفروض اعتبارهما لو لا التعارض ، خصوصا ما اشتمل منها على كونهما خبري ثقتين ، فهذه الطائفة تعدّ من المرجحات ، ويكون المراد بمرجحية الموافقة موافقة أحد الخبرين لظاهر الكتاب ، وهذا يلتئم مع فرض موافقة الخبرين له في مورد الترجيح بالمرجح المتأخر عنه رتبة وهو مخالفة القوم ، إذ لا مانع من موافقة الخبرين لظاهرين يمكن التصرف فيهما أو في أحدهما.
وعلى كلّ فمثال الترجيح بموافقة الكتاب ما إذا ورد حديث يدل على حرمة سمك خاص ، وآخر يدل على حليته ، ودلّ الكتاب الشريف بمقتضى إطلاق الآية الكريمة «أحل لكم صيد البحر» على حلِّيته ، أخذ بما يدلّ على الحلية ، لموافقته لإطلاق الكتاب المجيد.
هذا ما يتعلق بالترجيح بموافقة الكتاب في الجملة. وفي بعض الأخبار ضمّ «السُّنة» إلى الكتاب كما في المقبولة ، وفي بعضها الترجيح بمخالفة العامة أيضا ، وسيأتي وجه الجمع بينهما في التنبيه الثاني.
وأما الأخبار الراجعة إلى مخالفة العامة فهي أيضا على طائفتين :
إحداهما : ما ورد في لزوم مخالفتهم وترك موافقتهم ، سواء كان هناك خبر آخر مخالف لهم أم لا ، كخبر العيون عن علي بن أسباط ، قال : «قلت للرضا ـ عليهالسلام : يحدث الأمر لا أجد بدّا من معرفته ، وليس في البلد الّذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك ، قال ، فقال : ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، فإن الحق فيه» (١). ومفروض سؤال الراوي إعواز النصوص وانسداد طريق السؤال من فضلاء الأصحاب ، فأمر عليهالسلام بالاستفتاء من فقيه البلد ومخالفة فتواه مهما كانت ، معلّلا مطلوبية مخالفتهم بأن الحق في خلافهم.
ونحوه خبر عبيد بن زرارة عن الصادق عليهالسلام ، قال : «ما سمعت منِّي يشبه قول الناس فيه التقية ، وما سمعت منِّي لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه» (٢). ولم يفرض في هذه الرواية وجود خبر
__________________
(١) الوسائل ، ١٨ ـ ٨٢ ، الحديث : ٢٣
(٢) الوسائل ، ١٨ ـ ٨٨ ، الحديث : ٤٦