التخيير» (١) مجازفة (٢) (*).
______________________________________________________
خذوا بالمجمع عليه ، فان المجمع عليه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلّا أقلّه ، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كله إلى العالم عليهالسلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليهالسلام : بأيِّهما أخذتم من باب التسليم وسعكم» (١).
(١) أمّا أوسعية التخيير فواضحة ، إذ وجوب الأخذ بأحدهما المعيّن ضيق على المكلف. وأما أحوطيّته فلعدم العلم بالمرجحات في جميع الموارد في زمان صدور الروايات ، لعدم العلم غالبا بفتاوى العامة حتى يحصل العلم في ذلك الزمان بموافقة الروايات أو مخالفتها لفتاواهم ، بل الحاصل لهم لم يكن إلّا الظن ، ومن المعلوم أن الظن بالمرجحية لا يكفى ؛ لأن الأصل عدم حجيته ، فالاحتياط يقتضي العمل بإطلاقات التخيير.
واحتمل بعض المدققين معنى آخر في كلام الكليني ، وهو : «أن غرضه «قده» أنّه لا أحوط من ردِّ علم ذلك إلى العالم ، ولا أوسع من التخيير ، بنحو اللّف والنشر المرتب. لا أنّ التخيير أحوط وأوسع» (٢). وهذا المعنى ـ الّذي هو دقيق في نفسه ـ لا يغاير المعنى الأوّل بل يرجع إليه ، لأنّ أحوطية التخيير إنّما هي لموافقة التخيير لإطلاقاته ، بخلاف العمل بالظّن بوجود المرجح ، فإنّه عمل بمشكوك الحجية ، وهو خلاف الاحتياط ، فاتصاف التخيير بكلّ من الأحوطية والأوسعية كما هو ظاهر العبارة ـ على ما استظهره غير واحد كالشيخ والمصنف «قدهما» ـ صحيح.
(٢) خبر «أن دعوى».
__________________
(*) أقول : لم يظهر من الكليني «قده» ذهابه إلى عدم وجوب الترجيح ، كما لم نعثر على من نسب هذا الخلاف إليه ، كما عثرنا على نسبته إلى السيد الصدر من أصحابنا والجبائيين من العامة ، بل في عبارته التي نقلناها دلالة واضحة على لزوم الترجيح ، فإنّه «قده» تعرض أوّلا لما تضمنته المقبولة من المرجحات ليستند إليها في مقام الترجيح ، فاللازم في الخبرين المتعارضين إعمال المرجحات أوّلا ، فمع العلم بها يجب العمل بالخبر الواجد لها ، وبدونه لا بدّ من العمل بإطلاقات التخيير ثانيا ، وعدم الاعتناء بالظن بوجود المرجح ، لأصالة عدم حجية الظن ، وكون الأخذ به تشريعا محرّما. بخلاف
__________________
(١) أصول الكافي ج ١ ص ٨ طبع دار الكتب الإسلامية طهران.
(٢) نهاية الدراية ٣ ـ ١٦٩.