فلا بأس حينئذ (١) باختيار المقلِّد غير ما اختاره المفتي ، فيعمل (٢) بما يفهم منه (٣) بصريحه أو بظهوره (٤) الّذي لا شبهة فيه (٥).
______________________________________________________
اختار المجتهد الخبر الدالّ على إباحة شرب التتن مثلا جاز للمقلِّد أن يختار الخبر الدال على حرمته. نظير إجراء الاستصحاب في الموضوعات بعد أن قلّد مجتهده في حجيته فيها ، ولا دليل على لزوم متابعة المقلِّد للمجتهد فيما اختاره بعد فرض متابعته في نفس الحكم بالتخيير في المسألة الأصولية.
(١) أي : حين جواز الإفتاء بالتخيير في المسألة الأصولية ، و «غير» مفعول «باختيار» ولا فرق في الحكم الّذي دلّ عليه الخبران من الأحكام المبتلى بها للمجتهد كأحكام الصلاة والصوم ، ومن غيرها كالأحكام المختصة بالنساء.
(٢) هذه نتيجة حجية الخبر بإفتاء المفتي بها وجواز اختيار المقلِّد لها ، فإنّ حجية الخبر ـ أي الحكم بصدوره في حقه ـ كحجيته في حق نفس المفتي تقتضي اعتبار معنى ألفاظ الخبر إن كان نصّا أو ظاهرا بمثابة لا يعتد باحتمال خلافه عند أبناء المحاورة ، فلا يكون في فهم معنى الرواية تابعا للمجتهد مثلا ، بل هو كسائر أبناء المحاورة في فهم المعاني من الألفاظ.
(٣) الضمير راجع إلى «ما اختاره» أي : ما اختاره المقلِّد لا المفتي. والأولى إلحاق ضمير بالصِّلة ، بأن يقال : «فيعمل بما يفهمه منه» وصدر الصلة محذوف.
(٤) هذا الضمير وضمير «بصريحه» ـ المراد به النص ـ راجعان إلى «ما» الموصول المقصود به المعنى ، يعني : فيعمل المقلِّد بالمعنى الّذي يفهمه الصراحة أو الظهور من غير الخبر الّذي اختاره المفتي. والأولى تبديل «بصريحه» بـ «بصراحته» مصدرا كمعطوفه وهو «بظهوره» كما لا يخفى.
(٥) أي : في الظهور الّذي لا يحتاج إلى النّظر والتأمل. وهذا احتراز عن الظهور الّذي يحتاج إلى ذلك ، كما إذا لم يكن اللفظ الدال على الحكم ـ كالجملة الاسمية أو الفعلية الخبرية ـ صريحا أو ظاهرا معتدّا به في الحكم. وكذا اللفظ الدال على موضوع الحكم كالغناء والصعيد والآنية من ألفاظ الموضوعات المستنبطة ، فانه في استظهار معانيها لا بدّ من مراجعة المجتهد ، لعجزه عن إثبات الظهور بدون الرجوع إليه ، مع وضوح إناطة حجية