المنصوصة (١) أو يتعدى إلى غيرها؟ قيل بالتعدي (٢) ، لما (٣) في الترجيح
______________________________________________________
الأوّل : أصدقية الراوي في المقبولة وأوثقيته في المرفوعة ، بتقريب : أن في كل منهما جهتين : إحداهما : النفسيّة ، ثانيتهما : الكشف والإراءة وجعل مرجحيتهما من الجهة الأولى أو الثانية وإن كان محتملا ، ويكون الترجيح بهما بناء على الجهة الأولى تعبديّا محضا ، وبناء على الجهة الثانية ارتكازيا ، لكون الأصدقية والأوثقية موجبتين للأقربية إلى الواقع التي هي ملاك حجية الطرق غير العلمية.
لكن الظاهر بحسب الإطلاق هو جعل الترجيح بهما من الجهة الثانية ، فيكون المناط حينئذ في الترجيح كل ما يوجب القرب إلى الواقع وإن لم يكن من المرجحات المنصوصة كالمنقول باللفظ بالنسبة إلى المنقول بالمعنى.
(١) المرجحات المنصوصة في أخبار العلاج هي الأصدقية والأورعية والأوثقية والأفقهية والأعدلية كما وردت في المقبولة والمرفوعة ، وكذا الترجيح بالشهرة وبموافقة الكتاب والسنة وبمخالفة العامة كما في المقبولة ، وبموافقة الاحتياط كما في المرفوعة. والمرجحات غير المنصوصة كثيرة ، منها أضبطية راوي أحد الخبرين من الآخر كما حكي عن الشيخ الترجيح بها ، ومنها قلة الوسائط وهي علوّ السند ، ومنها نقل أحد الخبرين بلفظ الإمام عليهالسلام والآخر بالمعنى. ومنها كون لفظ أحد الخبرين فصيحا والآخر ركيكا بعيدا عن الاستعمال ، ومنها تأكد دلالة أحدهما بحرف التأكيد والقسم ونحوهما دون الآخر ، ومنها اعتضاد أحدهما بدليل دون الآخر ، ومنها غير ذلك.
(٢) القائل هو الشيخ الأعظم ، ونسبه إلى جمهور المجتهدين. وأما المحدثون فقد اقتصروا على المرجحات المنصوصة ، ولذا قال المحدث البحراني «قده» في مقدمات الحدائق : «أنّه قد ذكر علماء الأصول من الترجيحات في هذا المقام ما لا يرجع أكثرها إلى محصول ، والمعتمد عندنا ما ورد من أهل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأخبار المشتملة على وجوه الترجيحات» (١).
(٣) تعليل للقول بالتعدي. وهذا إشارة إلى أوّل الوجوه التي استدلّ بها على التعدي عن المرجحات المنصوصة إلى غيرها ، وقد أوضحناه بقولنا : «الأوّل : أصدقية الراوي في المقبولة وأوثقيته في المرفوعة ... إلخ» وقد تعرض الشيخ لهذا الوجه بقوله : «منها الترجيح
__________________
(١) الحدائق الناضرة ، ١ ـ ٩٠ ، المقدمة السادسة.