.................................................................................................
______________________________________________________
المنصوصة إلى غيرها ، لما في الاحتمال الأوّل من أجنبيّة حسن المخالفة في نفسها عن التعدي إلى كلِّ ما يوجب الأقربية إلى الواقع.
وفي الاحتمال الثاني من أن مقتضى كون الرشد غالبا في مخالفتهم والغيِّ في موافقتهم هو الوثوق بوجود خلل إمّا في صدور الخبر الموافق ، وإمّا في جهته ، ولا مانع من التعدِّي إلى كل ما يوجب ذلك ، لا إلى مزيّة توجب أقربية ذيها إلى الواقع.
وفي الاحتمال الثالث من أنّ الوثوق بصدور الخبرين يقتضي الاطمئنان بصدور الموافق تقية لا لبيان الحكم الواقعي ، والتعدّي لا بدّ أن يكون إلى كل مزية توجب الوثوق بصدور الموافق تقية ، لا إلى كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع من الخبر المقابل له ، هذا.
__________________
المحقق النائيني «قده» من «عدم انطباق ضابط منصوص العلة على قوله عليهالسلام : فان الرشد في خلافهم ، ولا يصلح أن يكون كبرى كلية ، لأنّ ضابط منصوص العلة هو أن تكون العلة على وجه يصح إلقاؤها على المكلفين ابتداء بلا ضمِّ المورد إليها ، كما في قوله : الخمر حرام لأنه مسكر ، فإنّه يصح أن يقال : كل مسكر حرام بلا ذكر الخمر. وكما في قوله عليهالسلام : فانّ المجمع عليه مما لا ريب فيه ، فانه يصح أن يقال : خذ بكل ما لا ريب فيه. وهذا بخلاف قوله عليهالسلام : فإنّ الرشد في خلافهم ، فإنّه لا يصح أن يقال : خذ بكل ما خالف العامة ، لما عرفت من أنّ كثيرا من الأحكام الحقّة توافق العامة ، فلا يمكن أن يرد قوله عليهالسلام : فان الرشد في خلافهم دستورا كليا للمكلّفين بحيث يكون بمنزلة كبرى كلية ، بل لا بد وأن يكون التعليل بذلك لبيان حكمة التشريع ، وليس من العلة المنصوصة ، فلا يجوز التعدي منها إلى كل مزية مقرِّبة لأحد المضمونين إلى الواقع» (١).
لكن يمكن أن يقال : إنّ ما عبّر به في المقبولة بعد السؤال عن كون أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم هو قوله عليهالسلام : «ما خالف العامة ففيه الرشاد» وهذه الجملة تنحل إلى صغرى وكبرى ، فالصغرى كون الرشاد في مخالفة العامة ، والكبرى لزوم متابعة الرشاد والحق. وأمّا جملة «فان الرشد في خلافهم» فهي مذكورة في ديباجة الكافي.
وكيف كان ، فإنّ منصوص العلة وإن كان يعتبر فيه كلِّيته حتى يحسن التعليل به ، لكن المدّعى
__________________
(١) فوائد الأصول ، ٤ ـ ٢٨٩.