ما لا يوجب الظن بذي المزية (١) ، ولا أقربيّته كبعض صفات الراوي مثل (٢) الأورعيّة أو الأفقهيّة إذا كان موجبهما (٣) مما لا يوجب الظن (٤) أو الأقربية (*)
______________________________________________________
(١) أي : الظن بصدور ذي المزية ، وضمير «أقربيته» راجع إلى «ذي المزية» والمراد بها أقربيّة مضمونه إلى الواقع.
(٢) التعبير بالمثل لدرج الأعدلية في المرجحات التي لا توجب الظن بذي المزية ولا أقربيته ، وقوله : «لبعض» مثال للمنفي وهو «ما لا يوجب الظن».
(٣) بصيغة اسم الفاعل ، والمراد بموجِب الأورعية هو الوقوف عند الشبهات وعدم الاقتحام فيها ، وبذل الجهد وتحمُّل المشقة في العبادات. والمراد بموجب الأفقهية كثرة التتبع في المسائل الفقهية ، أو المهارة في القواعد الأُصولية. وشيءٌ من الأورعية والأفقهية ـ بهذا التقريب ـ لا يوجب الظن بالصدور ولا الأقربية إلى الواقع ، فالترجيح بهما يكون تعبدا محضا.
وبالجملة : فهذان المرجحان ـ بناء على التقريب المذكور ـ لا يوجبان الظن بالصدور والأقربية ، فلا بد من التعدي عنها إلى ما يماثلهما من المزايا التي لا توجب الظن بشيءٍ منهما.
(٤) أي : الظن بالصدور ، و «الأقربية» معطوف على «الصدور» المحذوف ، وقوله : «كالتورع ، كثرة التتبع» : بيان لـ «موجبِهما» وقوله : «مما» خبر «إذا كان».
__________________
(*) كيف يمكن منع مرجحيتهما من حيث الظن والكشف؟ مع أن إيجابهما للظن دائمي أو غالبي ، ضرورة أن الأورعية توجب شدّة الاهتمام في تشخيص الواقع ونقله بمثابة يكون الاطمئنان الحاصل منه أشدّ بمراتب من الاطمئنان الحاصل من اهتمام الورع. وكذا الأفقهية الموجبة لأكثرية الممارسة في مبادئ الاستنباط ـ من الروايات والقواعد والأقوال والتدبر التام فيها ـ من ممارسة غير الأفقه بحيث يحصل من تلك الأكثرية شدة الاطمئنان بصحة الاستنباط ، ولا تحصل من غيرها ، وحصول هذا الاطمئنان من الأورعية والأفقهية مما لا سبيل إلى إنكاره ، فكيف يصح ـ مع ترتب هذا الاطمئنان أو الظن عليهما ـ حمل الترجيح بهما على التعبد؟ والإغماض عن كونهما موجبين للاطمئنان أو الظن.