.................................................................................................
______________________________________________________
والسّر في الالتزام بانقلاب النسبة هنا هو : أنّه لولاه لزم إلغاء النصّ أو طرح الظاهر المنافي له رأسا ، وكلاهما باطل. وبيانه : ان «أكرم الأمراء» عامّ عارضه دليلان ، أحدهما بالعموم المطلق ، والآخر بالعموم من وجه. ولو خصّصنا «أكرم الأمراء» بـ «يستحب إكرام العدول» بأن تخرج مادة الاجتماع ـ وهي الأمير العادل ـ عن حيّز العام وتبقى تحت حكم العام الآخر ، فإمّا أن يخصّص العام المخصّص ـ وهو الأمير الفاسق ـ بالخاص الآخر وهو «لا تكرم فسّاقهم» ويلزم لغويّة العام رأسا ، لعدم بقاء فرد لـ «أكرم الأمراء» حينئذ. وإمّا أن لا يخصّص به ، فيلزم طرح الخاصّ أعني «لا تكرم فسّاقهم». ومن المعلوم بطلان كلا اللازمين ، فيتعيّن تخصيص العام أوّلا بخاصّه ، ثم ملاحظة النسبة مع العام الآخر.
وحاصل تعريض المصنف بما أفاده الشيخ هو : أن التعارض بين الدليلين ـ كما تقدم في ردّ مقالة الفاضل النراقي ـ يلاحظ دائما بالنظر إلى ظهور الدليلين قبل علاج التعارض بين أحدهما ومعارضه الآخر ، فإنّ العلاج من قبيل رفع المانع ، لا إحراز المقتضي وهو الظهور. ولا تفاوت في هذا المناط بين تساوي نسبة المتعارضات وتخالفها.
وعليه فتقديم العام ـ بعد تخصيصه ـ على معارضه لا يصحّ مطلقا كما يظهر من الشيخ ، بل يتجه في صورة واحدة ، وهي : ما إذا لم يبق تحت العام المخصّص إلّا أفراد نادرة ، بحيث لا يجوز تخصيصها ثانيا في مورد الاجتماع ، إمّا لعدم بقاء فرد للعام المخصّص ، وإمّا لقلّة أفراده بحيث يستهجن التخصيص إلى ذلك الحد ، مثلا : إذا لم يبق تحت «أكرم الأمراء العدول» الّذي هو نتيجة تخصيص «أكرم الأمراء بلا تكرم فساقهم» إلّا أفراد ثلاثة ، والمفروض أنهم مادة اجتماع «أكرم الأمراء العدول ويستحب إكرام العدول» كان إخراج هذه الأفراد الثلاثة عن حيّز «أكرم الأمراء العدول» موجبا للاستهجان العرفي ، بل فوقه ، فلا محيص عن إبقاء هذه الأفراد تحت «أكرم الأمراء العدول» ووجوب إكرامهم ، وعدم إدراجهم في «يستحب إكرام العدول».
ووجه تقدم العام المخصص حينئذ على العام الآخر هو كون العام المخصّص كالنص في الباقي ، فتقدمه على معارضه لا يكون لانقلاب النسبة بينه وبين «يستحب إكرام العدول» حتى يستند تقدّمه إلى الترجيح أو التخيير اللذين هما من أحكام المتعارضين ،