في حجية المخالف لو لا (١) معارضة الموافق. والصدق (٢) واقعا لا يكاد يعتبر في الحجية ، كما لا يكاد يضرّ بها الكذب كذلك (٣) ، فافهم (٤).
هذا (٥) حال الأمارة غير المعتبرة ، لعدم الدليل على اعتبارها.
______________________________________________________
(١) قيد لحجية الخبر المخالف ، وغرضه : أنّه لا مانع من حجية المخالف إلّا معارضة الخبر الموافق لأمارة غير معتبرة له.
(٢) إشارة إلى الإشكال الثاني الوارد على كلام الشيخ «قده» وهذا الإشكال كبروي ، لرجوعه إلى عدم قدح الظن بالخلل ـ في الخبر المخالف ـ في حجيته بعد تسليم الاستلزام المزبور ، وذلك لأنّ القدح المذكور مبني على اعتبار الصدق واقعا في حجية الخبر ، ومانعية الكذب واقعا عن حجيّته ، حتى يكون الظن بكذب الآخر واقعا موجبا للظن بخلل في حجيته.
والسر في ذلك أنّ حجيّة الأخبار عندهم تكون من باب الظن النوعيّ الّذي لا يقدح في اعتباره الظن بالخلاف ، بل يكفي في الحجية احتمال الصدق ، فلا يضرّ معه احتمال الكذب واقعا ، ومن المعلوم أنّ مطابقة أحد الخبرين للمرجّح المضموني لا يجعل الخبر الآخر معلوم الكذب ، بل غايته حصول الظن به ، وقد تقدم كرارا أن موضوع التعبد بأدلة الاعتبار هو غلبة الإصابة بالواقع نوعا واحتمال الإصابة شخصا ، ولا ريب في وجود هذا المقدار في الخبر الفاقد للمزية ، ولا يقتضي الظنّ بكذبه خروجه عن دائرة الحجية.
(٣) أي : واقعا ، وضمير «بها» راجع إلى «الحجية».
(٤) لعله إشارة إلى أنّه يمكن أن يكون نظر الشيخ «قده» إلى أنّ مطابقة أحد الخبرين لأمارة غير معتبرة توجب العلم الإجمالي بوجود مرجح واقعي صدوري أو جهتي في الخبر الموافق ، فيقدم حينئذ على المخالف بناء على القول بوجوب الترجيح والتعدي عن المزايا المنصوصة (*).
(٥) أي : ما ذكر من الأبحاث هو حال مطابقة أحد الخبرين المتعارضين للأمارة غير
__________________
(*) لكنه بعيد جدّاً ، لبعد حصول العلم الإجمالي ، بل الحاصل مجرد الاحتمال. فالحق عدم الترجيح بالأمارة غير المعتبرة إلّا إذا أوجبت الظن بالصدور أو الأقربية إلى الواقع بناء على التعدي ، وإلّا فلا.