الأصحاب ـ فالظاهر أنّه (١) لأجل اعتباره من باب الظن والطريقية عندهم ، وأمّا بناء على اعتباره (٢) تعبّدا من باب الأخبار وظيفة للشاك ـ كما هو المختار كسائر الأصول العملية التي تكون كذلك (٣) عقلا أو نقلا ـ فلا (٤) وجه للترجيح به أصلا ، لعدم (٥) تقوية مضمون الخبر بموافقته (٦) ولو بملاحظة دليل اعتباره (٧)
______________________________________________________
وإن كان اعتبار تعبّدا من باب الأخبار الدالة على أنّ الأصل وظيفة للشاك ، فلا وجه للترجيح به أصلا ، لعدم اعتضاد أحد الخبرين المتعارضين به ، بداهة أنّ الأصل ليس كاشفا عن الواقع حتى يكون في رتبة الأمارة ومعاضدا لها ومقرّبا لمضمونها إلى الواقع ، كيف يمكن أن يكون كاشفا عن الواقع؟ مع تقوم موضوعه بالشك الّذي لا يعقل فيه الكشف والطريقية.
(١) أي : أن الترجيح لأجل اعتبار الأصل من باب الظن والطريقية. والظاهر كون الظن أعم من النوعيّ والشخصي ، إلّا أنّ الترجيح بالأوّل مشكل بناء على استناد التعدي عن المرجحات المنصوصة إلى الظن بالصدور أو الأقربية إلى الواقع كما لا يخفى.
(٢) أي : اعتبار الأصل تعبدا ووظيفة للشاك. ولا يخفى أن سوق العبارة يقتضي رجوع ضمير «اعتباره» إلى «مثل» لا إلى خصوص الاستصحاب ، لكنه لمنافاته لقوله : «لأجل اعتباره من باب الظن» لعدم التزامهم بحجية أصالتي البراءة والاحتياط بمناط الظن ، فلا بد من إرجاع الضمير إلى خصوص الاستصحاب ، فإنّه مورد البحث بين القدماء والمتأخرين في استناد حجيته إلى الظن ببقاء الحالة السابقة ، أو إلى الأخبار.
(٣) أي : وظائف للشاك عقلا كقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، أو نقلا كالبراءة الشرعية.
(٤) جواب «وأما» وضمير «به» راجع إلى «بمثل الاستصحاب».
(٥) تعليل لقوله : «فلا وجه» وقد مر توضيحه آنفا بقولنا : «بداهة أن الأصل ليس كاشفا ... إلخ». والأولى أن يقال : «لعدم تقوّي مضمون».
(٦) أي : بموافقة الخبر لمثل الاستصحاب.
(٧) أي : اعتبار مثل الاستصحاب ، والوجه في ذلك : أنّ دليل اعتبار الأصل العملي