أو في (١) أحدهما المعيّن ولو كان من الآخر
______________________________________________________
العرفي والحكومة العرفية ، ولهذا الفرض صورتان ، إحداهما : كون مجموع الدليلين قرينة على التصرف في كليهما ، وثانيتهما : كون مجموعهما قرينة على التصرف في أحدهما المعين ، والمقصود فعلا بيان الصورة الأولى منهما ، وحاصلها : أن من الموارد الخارجة عن تعارض الدليلين ما إذا وفّق العرف بينهما بالتصرف في دلالتهما معا بأن يكون كل منهما قرينة على التصرف في الآخر ، ومثِّل له بما ورد من «أن ثمن العذرة سحت ، ولا بأس بثمن العذرة» بتقريب : أن العرف يوفّق بينهما بحمل العذرة في الأوّل بمناسبة الحكم والموضوع على عذرة الإنسان ، وفي الثاني على عذرة البهائم ، فان الحرمة تناسب عذرة الإنسان لنجاستها ، والجواز يناسب عذرة البهائم لطهارتها ، فيكون العذرة في دليل الحرمة كالنصّ في عذرة الإنسان وظاهرا في عذرة غيره ، وفي دليل الجواز كالنص في عذرة البهائم وظاهرا في عذرة الإنسان ، فيرفع اليد عن ظاهر كل منهما بنص الآخر ، فتكون النتيجة حرمة بيع عذرة الإنسان وجواز بيع عذرة غيره ، هذا ما قيل (*).
(١) معطوف على «فيهما» وهذا إشارة إلى الصورة الثانية من الفرض الثاني من موارد
__________________
نعم يمكن التمثيل للتوفيق العرفي بما دلّ على انفعال الماء القليل بالملاقاة وما دلّ على عدم انفعال الماء ذي المادة بها ، فإن مورد الاجتماع ـ وهو القليل ذو المادة ـ محكوم بعدم الانفعال ، إذ المادة بنظر العرف كالكرّيّة من موانع الانفعال ، فيقدّم على أدلة الانفعال مع عدم طولية القلة والمادة كالعنوان الأوّلي والثانوي ، لكونهما في عرض واحد ، ومع ذلك يوفِّق العرف بينهما بحمل انفعال القليل بالملاقاة على الحكم الاقتضائي ، وحمل عدم انفعال ذي المادة على الحكم الفعلي.
(*) الظاهر أن من قال بهذا الجمع في المثال المذكور أراد أن يُدرجه في باب النص والظاهر وجعل الأوّل قرينة على التصرف في الثاني. لكن الظاهر أجنبيّة المثال عنه ، لكون التيقن الّذي أُريد به النص هنا ناشئا من أمر خارجي وهو الحكم ، لا من نفس اللفظ مع الغض عما يترتب عليه من الحكم ، والمفروض أن لفظ «العذرة» في كلا الدليلين أمّا نصّ في معنى وإمّا ظاهر فيه ، ولا يمكن أن يكون في أحد الدليلين نصا في معنى وفي الآخر نصّا في معنى آخر. إلّا أن يلحق التيقن الخارجي بالنص الّذي نشأت نصوصيته من نفس اللفظ.
ولكن هذا الإلحاق يحتاج إلى الدليل ، ومع فرض عدم الدليل على الإلحاق يكون مقتضى الجمع الدلالي بينهما الحمل على الكراهة الشديدة لو لم يقم دليل على خلافه ، ولم يثبت اختصاص موارد استعمال «السحت» بخصوص الحرام.